ثم قال سبحانه: { وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم } [التوبة:42]، فرد عليهم رب العالمين: { يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون } [التوبة:42]، فبين عز وجل أنهم قادرون على الخروج مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذا القرآن من هذا النحو كثير.
ثم قال الله عز وجل: { إنك لا تهدي من أحببت{ ، لولا أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم يقدر على أن يحب لم يقل له ربه: { من أحببت{ ، ثم قال: { ولكن الله يهدي من يشاء } [القصص:56]، وقال: { ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها } [السجدة:13]، وقال: { ولو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } [يونس:99]، وقال: { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } [هود:113]، وقال: { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } [الأنعام:35]، وقال: { فلو شاء لهداكم أجمعين } [الأنعام:149]، يعني عز وجل في هذه الآيات كلها وما أشبهها أنه سبحانه لو شاء أن يجبرهم على الإيمان والهدى مشيئة حتم وجبر ويقسرهم عليه لأمكنه ذلك، وما قدر واحد من خلقه أن يخرج مما حتم عليه وجبره وقسره؛ إذ كان محمد يعجز عن قسرهم على الإيمان، فقال له ربه: { فإنما عليك البلاغ } [آل عمران:20]، فقد أبلغت وأديت ونصحت، وعرفتهم بما ينفعهم، { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [الشعراء:3]، فتريد أن تقتل نفسك: { إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } [الكهف:6]، يقول: حزنا عليهم وشفقة، فذرهم: { ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون } [النحل:127]، فقال: مما يمكرون، ولولا أنهم يقدرون على المكر والخديعة والمعصية ما قال: يمكرون.
পৃষ্ঠা ৮৮