العدل
ثم يعلم أنه عز وجل عدل في جميع أفعاله، ناظر لخلقه، رحيم بعباده، لا يكلفهم ما لا يطيقون، ولا يسألهم ما لا يجدون، و{ لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } [النساء:40]، وأنه لم يخلق الكفر ولا الجور ولا الظلم، ولا يأمر بها، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يظلم العباد، ولا يأمر بالفحشاء، وذلك أنه من فعل شيئا من ذلك، أو أراده أو رضي به، فليس بحكيم ولا رحيم، وإن الله لرؤوف رحيم، جواد كريم متفضل، وأنه لم يحل بينهم وبين الإيمان، بل أمرهم بالطاعة، ونهاهم عن المعصية، وأبان لهم طريق الطاعة والمعصية، وهداهم النجدين، ومكنهم من العملين، ثم قال: { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [الكهف:29]، وقال: { فما لهم لا يؤمنون } [الانشقاق:20]، وقال: { وماذا عليهم لو ءامنوا بالله واليوم الآخر } [النساء:39]، أو يأمرهم بالكفر؛ ثم يقول: { وكيف تكفرون } [آل عمران:101]؟ أو يصرفهم عن الإيمان، ثم يقول: { فأنى تصرفون } [يونس:32]؟ أو يقضي عليهم بقتل الأنبياء صلى الله عليهم؛ ثم يقول: { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } [البقرة:91]؟
পৃষ্ঠা ৬১