فقوم يقولون على الله بالجبر والتشبيه، وينفون عنه العدل والتوحيد، وينسبون إليه عز وجل أفعال العباد، ويقولون: إن هذا الذي نزل بهم بقضاء وقدر، ولولا أن الله قضى عليهم بهذا الظلم الذي نزل بهم من هؤلاء الظالمين ما إذا قدر الظالم أن يظلمهم، غير أن هذا الظلم مقدر عليهم عند الله على يدي هذا الظالم. فإذا كانت معرفتهم هذه المعرفة، وكان معبودهم الذي يزعمون أنهم يعبدونه هذا فعله بهم؛ فمتى يصل هؤلاء إلى معرفة الخالق، ومتى يدعونه ويستعينون به على ظالمهم؟ إنما هم يدعون هذا الذي يزعمون أنه قضى عليهم بهذا الظلم وقدره، ولهذا يصلون، وله يصومون ويحجون، وبه في جميع ما ينزل بهم من الظلم والجور والمصائب في المال والولد والبدن يستغيثون به على دفع هذه المضار والبلوى التي نزلت بهم. فهم يعبدون صورة مصورة، وعلى هذا النحو أسلمهم ربهم، وتركهم من التوفيق والتسديد، وخذلهم ولم ينصرهم على ظالمهم، وكيف ينصرهم على ظالمهم وهو المقدر لهذا الظالم عليهم الذي نزل بهم؟ فهو الذي يدعونه بزعمهم.
أما إنهم لو أنصفوا عقولهم، وعرفوا الله عز وجل حق معرفته، ونفوا عنه ظلم عباده، كما نفاه عز وجل عن نفسه، ثم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ودعوا ربهم حينئذ على ظالمهم؛ إذا لاستجاب لهم دعوتهم، وكشف ما بهم من الظلم والجور، وذلك قوله عز وجل: { ادعوني أستجب لكم } [غافر:60]، وقال: { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } [الروم:47]، { كذلك حقا علينا ننج المؤمنين } [يونس:103].
পৃষ্ঠা ৭৯