والمقدمة الثالثة: أن الذي يحي ويميت هو الرب فسلم الكافر أيضا لكن اختلفا بعد هذه الثلاثة، فأثبت إبراهيم عليه السلام صفة الرب وصفا، وقصرها الكافر على نفسه وجاء يشبهة، وهو أنه أطلق رجلين من سجنه فقتل أحدهما ومول الآخر، والغرض منهما استلاب عقول الحاضرين. فلو وقعت المجاحدة في المقدمات الثلاث لاحتاج إباهيم عليه السلام إلى إقامة البرهان عليهن وأولاهن إقامة البرهان/ على أن إبراهيم مربوب، والبرهان: الحاجة والعجز بالمشاهدة والحدوث بالدليل.
وأما الثانية: أن لا بد للمربوب من رب، فهي من الواجبات عقلا.
وأما الثالثة: فأن الله الربوبية لمن كلمت له الصفتان، الإحياء والإماتة، وهما لله رب العالمين. وأما انتحال الكافر هاتبن الصفتين فمجاز لا حقيقة، وهما في الله حقيقة لا مجازا, فلما فطن إبراهيم عليه السلام بمراد الكافر، وهو أن يستميل عقول العامة، عارضه إبراهيم عليه السلام بنفس الدليل، ولكنه احترز، فقال { إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } (¬1) ولم يقل إبراهيم: فأت بها أن من المشرق احترازا من أن يقول الكافر أنا آتي بها من المشرق غدا، أو أنا أتبت بها بالأمس، فكان الشبهة قائمة إلى الآن. لكن احترز من ذلك فقال: { فأت بها من المغرب } قياسا؛ لأن المغرب/ مثل المشرق فمن قدر أن يأتي بها من المشرق قدر أن يأتي بها من المغرب، ولأن المغرب والمشرق سيان. ولم ينكر الكافر في هذه المقايسة مخافة أن تأخذ عليه العامة فلما أعيت المذهب بهت الذي كفر. وهذا من أعظم الدلة على إقامة البرهان من طريق العقول بحكم الخليل
পৃষ্ঠা ২৮