فإن قالوا: إنما سمي قرآنا لتضمنه للمعنى القديم، فالمعنى هو القرآن وعبارته تسمى باسمه.
قلنا: هذا لا يصح لوجوه:
أحدها: المطالبة بدليل يدل على أن المعنى يسمى قرآنا بمفرده، فإنه لا يجوز التسمية إلا بنقل عن الشارع لكون التسمية شرعية لا تعلم إلا من جهته.
الثاني: أنه لو سمي قرآنا لتضمنه معناه، لسمي كل ما تضمن ذلك المعنى قرآنا، فعلى هذا لو قرأه بالعجمية أو عبر عنه بأي لسان كان قرآنا، ويجب أن يكون تفسير القرآن قرآنا لتضمنه المعنى.
الثالث: أن القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم الذي عجز الخلق عن الإتيان بمثله، والإعجاز يتعلق باللفظ والنظم.
الرابع: أنهم إن زعموا أن كلام الله شيء واحد لا يتعدد ولا يتجزأ ولا يتبعض، والمعنى متعدد مختلف، فإن معنى كل كلمة غير معنى الأخرى، ومعنى كل جملة غير معنى الأخرى.
مثال ذلك في قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني}. فإن معنى أوحينا الإلهام وإلى حرف معناه انتهاء الغاية، وأم موسى والدته، وموسى نبي الله. وهذه معان مختلفة.
وهذه الآية تشتمل على ثلاثة: إخبار وشرط وأمرين ونهيين.
فمعنى الإخبار غير معنى الأمر والنهي، ومعنى كل خبر غير معنى الآخر ومعنى كل أمر غير معنى الآخر. فإن {أرضعيه} غير معنى {فألقيه في اليم}، ومعنى {إنا رادوه إليك} غير معنى {وجاعلوه من المرسلين}.
وإذا ثبت التغاير والتعدد فكيف جعلوه كلام الله تعالى مع ذلك.
পৃষ্ঠা ১৪৭