وقال زيد بن ثابت: ((أرسل إلي أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة، وإذا عنده عمر، فقال لي: إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه)). قال: ((فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي من ذلك، فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أبو بكر: هو والله خير. قال: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والعسب واللخاف، وصدور الرجال)).
فهذا وأشباهه مما لا سبيل إلى إحصائه دليل على أن القوم ما اعتقدوا قرآنا، سوى هذا الذي هو حروف منظومة، وآيات معلومة، وكذلك من بعدهم من أهل الإسلام، وكلامهم في هذا كثير، وما علمت أحدا من أهل الإسلام جحد كون هذا قرآنا: سوى هذه الطائفة، ثم أجمعوا مع المسلمين: على أنهم متى تلوا آية، قالوا: قد قال الله كذا، وقول الله: هو كلامه. وأجمع المسلمون: على أن القرآن يقرأ، ويسمع، ويكتب، ويحفظ، وهذه الصفات لا نؤولها بما لم ينزل إلينا ما لا يدرى ما هو، وأجمعوا أن القرآن: أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه معجز للنبي صلى الله عليه وسلم الذي يتحدى الله الخلق بالإتيان بمثله، وعجزوا عنه.
وأجمعوا: على أن القرآن ناسخا، ومنسوخا، ولا يتعلق ذلك إلا بهذا النظم.
وأجمعوا: على أن في القرآن الذي يشترط قراءته في الصلاة، ويمنع الجنب من قراءته، والمحدث من مسه، ويمنع من السفر به إلى أرض العدو، هو هذا دون غيره.
وأجمعوا: على أن الوقوف الموقوفة على قراء القرآن أو على كتبته، أو على حافظيه يصرف إلى من قرأ هذا، وكتبه وحفظه.
পৃষ্ঠা ১৩৮