منهجه في المقدمة:
ذكر محمد صديق حسن خان في المقدمة تعريف القدماء للغة وهو قول ابن جني ... (ـ٣٩٢هـ): أصوات يعّبر بها كلُّ قوم عن أغراضهم ونحوه (١)، والذي قال بمثله أبو الوفا الهوريني (٢) وبما يقاربه حد الفن الذي على ما يبدو لم يتطرق إليه العلماء السابقون على هذه الشاكلة وكأنه أحد تعريفات علم البلاغة بقوله: " علم يبحث فيه عن مفردات الألفاظ الموضوعة من حيث دلالتها على معانيها بالمطابقة " (٣).
وعرفه صاحب الكشف بأنه " علم باحث عن مدلولات جواهر المفردات وهيئآتها الجزئية " (٤) وتعريف الكشف يُعد أحد التعاريف المحدثة لعلم اللغة فقد خلط صاحب البُلغة بين تعريفات القدماء والمحدثين إلا أنه لم يرجح أحدًا منها على الآخر، ذلك اشارة إلى صحة جميعها.
وفي موضوع آخر من المقدمة وهو تصريف اللغة أطال فيه خلافًا للسيوطي في المزهر (٥)، بايراده كلامًا للقدماء والمحدثين في حين محمد صديق حسن خان قد أراد من كتابه أن يكون كتابًا لغويًا خالصًا من الصرف بحذف ما أورده المزهر من الموضوعات الصرفية، ويبدو أنه عدها موضوعًا محتاجًا للمناقشة.
وأورد في مسألة وضع اللغة ما قيل فيها من اصطلاح وتوقيف والاختلافات الموجودة في هذه القضية (٦)، ولم يرجح أحدهما على الآخر.
وهذه المقدمة السالفة الذكر تتكون من اثنتي عشرة مسألة في وصف اللغة وحدها وتصريفها وبعض مبادئ هذا العلم، وهي عند السيوطي تندرج ضمن النوع الأول من معرفة الصحيح ويقال له الثابت والمحفوظ (٧).
وسبب اختيار محمد صديق حسن خان للمزهر؛ لتنوعه وسعته ولاحتوائه على: "نفائس كثيرة تهتزها الطباع ولطائف شريفة تطرب لها الأسماع. . . فأردت انتقاءه على ذلك
_________
(١) ينظر: الخصائص: ١/ ٣٣، ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٧.
(٢) ابو الوفا الهوريني المصري: نصر بن نصر بن يونس الهوريني، الوفائي، الأحمدي، الأزهري، الأشعري، أديب لغوي، مفسر ت سنة (١٢٩١هـ-١٨٧٤م)، معجم المؤلفين: ١٣/ ٩٣.
(٣) البُلغة إلى أصول اللغة: ٧.
(٤) كشف الظنون: ٢/ ١٥٥٦، البُلغة إلى أصول اللغة: ٧.
(٥) ينظر: المزهر: ١/ ٧، ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٨.
(٦) ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٩ - ١٤.
(٧) ينظر: المزهر: ١/ ٧ - ٩٩، ينظر: البُلغة إلى أصول اللغة: ٤ - ٢٣.
1 / 31