قال وأما الثاني: وهو النقص بأفعال الباري تعالى فالمقدمة القائلة بأن الفعل الواقع لا لمرجح اتفاقي لا اختياري، إنما هي مقدمة الزامية بالنسبة إلى المعتزلة القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في فعل إلا إذا انظم إليه مرجح فيسمونه الداعي، ونحن لا نقول بها فإن الترجيح بمجرد الاختيار المعلوم بأحد طرفي الفعل لا لداع عندنا جائز، ولا يخرج ذلك الفعل عن كونه اختياريا كما تقدم في مسألة الهارب من السبع والعطشان الواجد للقدحين المتساويين، وإذا لم نفعل بهذه المقدمة لم يرد علينا النقص بفعل الله تعالى، هذا كلامه فيه التصريح بالاعتراف ببطلان الدليل، وذكره على من عمه إلزاما للمعتزلة القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في الفعل إلا إذا انضم إليه مرجح يسمونه الداعي.
قال: ونحن لا نقول بها، فإذا لم نقل بها فكيف يصح تركيب الاستدلال عليها؟ والمعتزلة لا يقولون بما ذكره إنما يقول بذلك منهم أبو الحسين البصري، وإذا قال به لم يلزمه نفي الاختيار، قال: وأيضا على تقدير صحة هذه المقدمة عندنا ليس هذا بعينه جاريا في أفعاله تعالى؛ لأنا نختار أنه متمكن من الترك وأن فعله يتوقف على مرجح، لكن ذلك المرجح قديم فلا يحتاج إلى مرجح آخر حتى يلزم التسلسل في المرجحات، كما في فعل العبد إذ كان مرجحه صادرا عنه إذ لابد أن يكون الصادر عنه جاريا محتاجا إلى آخره.
পৃষ্ঠা ৬৮