فصل ومن ذلك قوله تعالى: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم} فأي شيء أصرح من هذا من حيث أخبر سبحانه أنه حرمه عليهم مع كونه طيبا في نفسه، فلولا أن طيبه أمر ثابت له بدون الأمر لم يكن ليجمع الطيب والتحريم، وقد أخبر الله تعالى أنه حرم عليهم طيبات كانت حلالا عقوبة لهم، فهذا تحريم عقوبة بخلاف التحريم على هذه الأمة فإنه تحريم صيانة وحماية، ولا فرق عند النفاة بين الأمرين بل الكل سواء.
فصل
فإن قيل: ما الجواب عن الأدلة التي ذكروها؟
قلت: قد كفونا مؤنة إبطالها بقدحهم فيها وإخرابهم لها{ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار}.
فأما الرازي: فاعتمد في استدلاله على المسلك المشهور وهو أن فعل العبد غير اختياري، وماليس بفعل اختياري لا يكون حسنا ولا قبيحا عقلا باتفاق؛ لأن القائلين بالحسن والقبح العقليين يعترفون بأنه إنما يكون كذلك إذا كان اختياريا وقد ثبت أنه اضطراري فلا يوصف بحسن ولا بقبح على المذهبين.
পৃষ্ঠা ৬০