نشأته
تكاد كل علاقة بين شو ومنشئه تأتي مصداقا للحقيقة التي ألمعنا إليها في تصدير هذه الرسالة، وهي الصلة الوثيقة بين البيئة والأديب أو الفنان.
فنشأته في أيرلندا، ونشأته في أسرته، ونشأته من أبويه، ونشأته في جيله السياسي، ونشأته في جيله الثقافي؛ كل أولئك على صلة وثيقة بعنصر من عناصر حياته، أو عنصر من عناصر استعداده وعمله في حياته الفنية والثقافية.
قال عن تلك النشأة: «لا أثر في تكويني من العنصر الإسباني الشمالي الذي استورد كما تستورد السلع، وجرى العرف على اعتباره أصلا عريقا للأيرلنديين. إنني أيرلندي مثالي من عناصر الزحوف الدانية والنورمانية والكرمولية، والأيقوسية على الخصوص، وأنا بحكم التقاليد البيتية فخور بالمذهب البروتستانتي، شديد التشيع إليه، ولكن لا تعتمدن حكومة إنجليزية من أجل ذلك على ولائي، فإن الإنجليزية التي أشتمل عليها تكفي لأن تجعل مني جمهوريا لدودا، ومطالبا عنيدا بالحكومة الذاتية. وصحيح أن جدي الأعلى كان من الأورنجيين، ولكن صحيح كذلك أن أخته كانت رئيسة دير، وأن عمه - وأقولها فخورا - شنق مع الثائرين.»
ولو أراد شو لقال أيضا إن الأيرلندية التي اشتمل عليها كافية لأن تجعل منه مفكرا «عالميا» يثور على السيطرة الأجنبية، فإن الوطنية التي تثور على الاستعمار والاستغلال قريبة من العالمية في المبدأ والاتجاه.
والأيرلنديون - أو الأمة التي امتزجت من بعض السلالات فأصبحت تعرف بهذا العنوان - قوم معروفون بالدأب في طلب الرزق، ونزعة التمرد مع حب الفكاهة. ألجأهم الحكم الأجنبي إلى التمرد، وألجأهم التمرد والفقر إلى الرحلة في طلب الرزق، والكدح وراء المال، وأعانتهم الفكاهة على الضنك والسلطان المكروه، فليس أصلح من هذه البيئة لإخراج برنارد شو المتمرد الساخر الدءوب المؤمن برسالة المال في حياة الآحاد وحياة الجماعات.
وانتماء شو في أصله القديم إلى سلالة «إنجليزية» لا يخرجه من حكم النشأة الأيرلندية، حتى في الثورة على السيطرة الإنجليزية.
والمصريون خاصة خلقاء، أن يذكروا في هذا الصدد أن طلاب الاستقلال في مصر كان الكثيرون منهم ينتمون إلى سلالة الترك الذين كانوا يحكمون البلاد.
ويرجع شو بأصله إلى «ماكدوف» المعروف في رواية «ماكبث» من تأليف شكسبير.
ولكن لا خلاف في انتمائه من جانب أبيه وجانب أمه إلى فرسان العصور الوسطى، وقد تزوجت حفيدة كرومويل بواحد من أسرة شو، وكان أحدهم «السير روبرت شو» صاحب مصرف في دبلن عند أوائل القرن التاسع عشر، ثم تغيرت بهم الحال كما تغيرت بكثير من سلالة الفرسان الذين لم يحسنوا الاحتفاظ بالثروة القديمة، ولم يحسنوا جمع الثروة من مواردها في العصر الحديث.
অজানা পৃষ্ঠা