ألقى له شرك الغرام دلالها
فإذا رنت وإذا انثنت وإذا دنت
فتنت فما من حيلة نحتالها
وكان «ڤكتور» ينظر إليها نظر الحائر المندهش، وهي تتصباه غير عامدة بما تظهر من الرشاقة، وما تبدي من حركات الدلال، فتارة تفتح حنجور عطرها فتشمه، وهي غنية عن الطيب، وطورا تنزع الكف الأصفر عن يدها الرشيقة، فيظهر بياض أناملها تحت سواد خاتم من الميناء، حتى عظمت بها فتنة «ڤكتور»، واشتدت منها غيرة «ماري»، وهي مع ذلك تعطف من رياض الحديث كل فن، وتقطف منه لكل سامع زهرة تنفي عن القلب الحزن حتى انشرحت بمعاني كلامها الصدور كما قرت بمحاسن وجهها الأنظار.
فحديثها السحر الحلال لو انه
لم يجن قتل السامع المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت
ود المحدث أنها لم توجز
فأحست «ماري» بانحطاطها عن هذه المليحة حسنا وجمالا ورشاقة وظرفا، فأخذتها الغيرة على «ڤكتور»، ونالها من ذلك ألم عظيم، فعقدت نيتها على أن تلزم البيت من بعد هذه الزيارة؛ فلا تكون عرضة للغبن في الموازنة بينها وبين الباريسية الحسناء، ثم بذلت مجهودها في تقصير الزيارة حتى خف قومها للانصراف، ولما خلت بهم في العربة غلب الكمد عليها فبكت بكاء مرا، فأثر بكاؤها في نفس «ڤكتور» فصاح: ما بالك تبكين؟! ماذا أصابك؟! - لا شيء، إن الحر قد اشتد علي، فأورثني صداعا أليما، عدمت به الجلد لا جرم أني غير صالحة لمعاشرة الناس، فلن أحضر بعد هذه المرة مجلس اجتماع.
فقال الكونت «ديلار»: نعم رأيتك في منزلنا ب «مرلي» أسعد منك الآن وأهنأ، ولكنك مخطئة فيما عزمت عليه، فأنت في ريعان الشباب، ولا تليق وحشة العزلة بهذا العمر، ثم إنك أم ولد صغار، فإن لم تخرجي من المنزل، ولم تدخلي مجالس المعاشرة؛ فمن ذا الذي يتولى تهذيب أولادك كما يقتضيه أدب الاجتماع. - «ڤكتور» يفعل ذلك ويحضر المجالس عني. - لا، لست أرضى بهذا لست أرضى.
অজানা পৃষ্ঠা