فمن هذه الأخبار(1): ما هو في أصله منسوخ. ومنها: ما هو في مخرجه عام وفي معناه خاص.
ومنها: متشابه يحتاج إلى بيان. ومنها: ما حفظ أوله ونسي آخره. ومنها: ما روي مرسلا بلا حجة فيه، ولا تبيان لمتدبريه(2). ومنها: ما دلس على الرواة في كتبهم(3). فيا لله كيف حارت العقول، وقلدت الأتباع، وتقسمت الأهواء، وتفرقت الآراء، ونبذ القرآن، وغيرت السنن، وبدلت الأحكام ، وخولف التوحيد ، وعاد الإسلام غريبا، والمؤمن وحيدا خائفا، والدين خاملا.
فتسديدك اللهم وعونك، فإنا لم نؤت في تفرقنا من قبلك، ولا في اختلافنا من قدرك، كذب المدعون ذلك فيك، وهلك المفترون ذلك عليك، ونحن الشهود لك على خلقك، والناصبون لكل من عند عن دينك، واتهم قضاك، وجانب هداك، وأحال ذنبه عليك، ونسب جوره إليك، أو قاسك بمقدار، أو شبهك بمثال، وقد قطعت العذر بكتابك المنزل، وأكملت دينك على لسان نبيك المرسل، محمد صلى الله عليه وآله وسلم(4).
أما بعد: فإن الدين لما عفت آثاره، وانطمست أعلامه، واضمحلت أنباؤه، وسدت مطالعه، عندما فقد من أنصاره، والقائمين بحفظه وحياطته؛ نطق الكاظمون(5)، وظهر المرصدون، ولله جل ثناؤه إلى كل رصد من الباطل طلائع من الحق، ومع كل داع إلى الضلال بينات من الهدى، وإلى جنب طريق كل حيرة سبب واضح من الإرشاد، وفي كل شيء حجة قاطعة.
পৃষ্ঠা ১৭১