مقالي إن كان مستسمج وهذه القصيدة هي من البلاغة بمراحل بعيدة، كما لا يخفى على أهل البصيرة، مع ما فيه من اللحن في قوله: (سوى أنه قال ذا المدرج) برفع القافية مع عدم الضرورة، فإنه كان يمكنه رفعه على وجه لا يكون العامل ناصبا له، وكذلك بعده البيت الآخر، ثم أوعد بعد ذلك بالفتن، وأن الدهر لا يؤتمن، وقد أشار بما ذكر هو ما اعترضه على الإمام وولاته وسيرته، وأكثرها غير قادحة، إذ من لازم الداخل فيها الجري عليها كما ذلك معروف لأحوال الأئمة، ممن مضى وخلف في هذه الأمة، وسواء كان هو متوليها أو غيره من أدانيها وأقاصيها، والسعي في جميع الأمور لصلاح المسلمين، لا للتفريق بين المؤمنين، فقد علم ما في الاجتماع من الخيرات وما في التفرق من المحق والشتات، والله يجمع المسلمين على الخيرات والبركات، وقد قال تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } وقد ظهر من قصيدة السيد محمد المشار إليها استحلال الخروج على هذه الدولة، وأنه إنما سكن لعدم القدرة [12/أ]. وقد كان أرسل السيد محمد الغرباني في هذه المدة قبل دخوله برط برسالة إلى أحمد بن الحسن أو بعض أصحابه فيها مطاعن كثيرة في تكثير الجوار معه، ويجعلهن أمهات أولاد، وأنه تهور في تكثير الجوار، واتباعه للهوى فيهن والمبالغة في محاسنهن، ومتى كبرت الأولى بذلها وأخذ أخرى غيرها، وما زال في كل سنة بل كل شهر له سرية، وصار يتخيرهن ويستبدل بهن ويلبسهن الملابس الفاخرة، حتى لا يزال يبلغن أربعمائة خمسائة، ثم يخرج هذه ويخرج هذه، وهذا شيء لم يعرف بغيره من الماضيين ولا من غيرهم من السلاطين.
وخرج أحمد بن الحسن من برط ومحمد بن أحمد في غرة جمادى الآخرة منها، فكان سكون محمد بن أحمد ببرط قدر شهرين ونصف، وأحمد بن الحسن شهر وعشرة أيام، وجاءت طريق أحمد بن الحسن الزاهر ، ثم خرج الخارد والغراس، ومحمد بن أحمد جاءت طريقه خمر .
পৃষ্ঠা ৩০৮