١٦ - علي بن أحمد بن سعيد بن محمد - بن الأثير، الحلبيّ الأصل، ثم المصريّ، كاتب السر بمصر، المتوفى سنة (٧٣٠ هـ) (١).
- طلب ابن الأثير العلم:
نشأ ابن الأثير وإخوته في جزيرة ابن عمر التي كان أبوهم يتولى ديوانها، وكان أثير الدين - فضلا عن مركزه المرموق - غنيا يملك البساتين والضياع، وله تجارة كبيرة، وقد حرص أبو الكرم على أن يربي أولاده ويعلمهم، لذا لم يكن غريبا بروز ثلاثة من أبنائه، كان كل واحد منهم يشار إليه بالبنان؛ في علم من العلوم، إذ اجتمعت لهم البيئة المعدة لنيل العلوم والرغبة القوية في ذلك.
قال مجد الدين بن الأثير موضحا ذلك: (ما زلت منذ ريعان الشباب وحداثة السن مشغوفا بطلب العلم ومجالسة أهله، والتشبه بهم حسب الإمكان وذلك من فضل الله علي ولطفه بي أن حبّبه إليّ، فبذلت الوسع في تحصيل ما وفضّت من أنواعه، حتى صارت فيّ قوة الاطلاع على خفاياه، وإدراك خباياه ولم آل جهدا - والله الموفق - في إكمال الطلب وابتغاء الأرب، إلى أن تشبثت من كلّ بطرف، تشبثت فيه بأضرابي، ولا أقول تميزت به على أترابي، فلله الحمد على ما أنعم به من فضله وأجزل به من طوله) (٢)
ولما انتقل ابن الأثير مع والده وإخوته إلى الموصل عام (٥٦٥ هـ) كان فيها مجموعة من كبار علماء عصره، لازمهم وأخذ عنهم، قال ياقوت الحموي:
(حدثني أخوه أبو الحسن قال: قرأ أخي الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن الدهان البغداديّ، وأبي بكر يحيى بن سعدون المغربى القرطبي وأبي
_________
(١) البداية والنهاية (١٤/ ١٤٩).
(٢) مقدمة (جامع الأصول في أحاديث الرسول): (١/ ٣٥).
مقدمة / 26