وحظيت أسرته - بالإضافة إلى النسب العريق - بالجاه، والسلطان والمال الوفير، ف والده كان أحد المقربين من أتابكة الموصل، بل كان أحد رجالات الدولة، وقبل أن ينتقل إلى الموصل كان واليا على بلده" جزيرة ابن عمر"، وكان الأثير يملك ضياعا وبساتين وقرى، فله في جزيرة ابن عمر قرية تسمى" العقيمة" (١)، وله في جنوب الموصل قرية تسمى" قصر حرب" (٢)، وكانت لأثير الدين تجارة وافرة وقوافل تتابع من الشام إلى العراق، فجمعت هذه الأسرة بين المكانة العالية نسبا وجاها وغنى، فتفرغ أبناؤها لطلب العلم على علماء الجزيرة ثم الموصل وغيرها، فأضافوا إلى الغنى والجاه علما غزيرا، فجمعت هذه الأسرة أسباب الفخر كلها.
فشارك أبناء الأثير - كما شارك أبوهم - في الحكم، فكان السلاطين والوزراء يستشيرونهم، ويقدرون فيهم النبوغ وبعد النظر، وكما سيأتى (٣) فإن مجد الدين تولى مناصب عالية في أتابكية الموصل، وعرضت عليه الوزارة غير مرة فأبى، وذكر ابن كثير: أن عز الدين وزر لبعض ملوك الموصل (٤)، وأما ضياء الدين فكان وزيرا للملك الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي سنة (٥٨٧ هـ) (٥)
والده:
هو: أثير الدين أبو الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيبانيّ الشافعيّ (٦). لم يذكره من المؤرخين إلا ابنه عزّ الدين في بعض
_________
(١) التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية (١٤٧).
(٢) الكامل (٥/ ٥٧٢).
(٣) ص: ٤٥ - ٤٧.
(٤) البداية والنهاية (١٣/ ١٣٩).
(٥) انظر ص: ١٠٠.
(٦) معجم الأدباء (١٧/ ٧١).
مقدمة / 18