وذهب معه في عصر يوم من الأيام في جولة بالكوم الأحمر، وكان قوية - على عادته - مرحا ينشد شعره ويغني ويصيح كلما عثر على قطعة من خزف أو رأس محطم من تمثال أو قرص صدئ من نقود، وكان يصور حول كل شيء من ذلك قصصا من خياله وينطلق في تندره مفاكها، ثم عثر على تمثال صغير كامل من خزف مطلي بدهان أزرق، فوثب صائحا ومسح عنه التراب فلمع في ضوء الشمس كأنما قد فرغ منه صاحبه منذ ليلة، ومال على فؤاد هامسا: أما إنها لتميمة نادرة.
فتبسم فؤاد وأخذ التمثال منه فجعل يقلبه في كفه معجبا بحسن صنعته، وينظر إلى الكتابة الغريبة المنقوشة عليه، وأراد أن يحتفظ به لما فيه من إبداع فقال لقوية: أتسخو نفسك لي بهذا؟
فقال الفتى: هو لك.
وخيل إلى فؤاد عند ذلك أنه وجم قليلا، وحسب أنه قد يحتاج إلى ثمنه فقال له: سأبذل لك في ثمنه جنيها.
فقال قوية: وما حقي فيه حتى آخذ له ثمنا؟
فقال فؤاد مازحا: إذن خذه فاتخذه تميمة.
فقال الفتى: بل أظنك أنت في حاجة إليه.
ولو وجده فؤاد باسما أو مازحا لغضب من قوله، ولكن قوية كان يكلمه جادا.
فانفجر فؤاد ضاحكا ووقف مكانه ناظرا إليه في شيء من الدهشة قائلا: وما حاجتي إلى التمائم يا قوية؟
فقال قوية في سذاجة: ألست تحب أن تكون لك؟
অজানা পৃষ্ঠা