فعاد أدهم يقول برجاء: اذهب يا همام!
فاتجه همام نحو الكوخ وهو يقول: سأظل إلى جانبك.
19
لم يبق من الشمس إلا الشفق، وانقطعت السابلة، وانفرد بالخلاء قدري وهمام والأغنام. مر النهار فلم يتبادلا طواله إلا ما تقتضيه ضرورة الشركة في العمل. وغاب قدري شطرا كبيرا من النهار فخمن همام أنه يتشمم أخبار هند، ولبث وحده في ظل الصخرة على كثب من الأغنام. وفجأة، وفي شيء من التحدي، سأل قدري همام: خبرني عما انتويت من ذهابك إلى جدك أو عدولك؟
فقال همام بامتعاض: هذا شأن يخصني وحدي.
فاحتدم الغيظ في قلب قدري، ولاحت بوادره في وجهه كطلائع الظلام فوق المقطم، وتساءل: لماذا بقيت؟ .. ومتى تذهب؟ .. متى تجد الشجاعة لإعلان نيتك؟ - بل بقيت لأتحمل نصيبي من العناء الذي خلقته فضائحك.
فضحك قدري ضحكة كاسرة وقال: هكذا تقول لتداري حسدك!
فهز همام رأسه كالمتعجب وقال: إنك تستحق الرثاء لا الحسد!
فاقترب قدري منه وأطرافه ترتجف من الحنق، وقال بصوت مخنوق بالغضب: ما أبغضك حين تتظاهر بالحكمة!
فحدجه همام بنظرة احتقار دون أن ينبس، فعاد الآخر يقول: يجب أن تخجل الحياة لانتساب أمثالك إليها.
অজানা পৃষ্ঠা