فقطب قدري لإدراكه ما تعني وقال بحدة: لا تبالي بشيء، إننا أبناء الحمق. أبي الطيب رجل غبي ، وأبوك الشرس لا يقل عنه غباء، إنهما يودان أن يورثانا الكراهية، فيا للغباء! خبريني كيف تيسر لك المجيء؟
فنفخت وقالت: مضى اليوم كالأيام السابقة في نقار متواصل بين أبي وأمي، وصفعها مرة أو مرتين فصرخت تلعنه وصبت غضبها على قلة فحطمتها، ولكن غضبها اليوم وقف عند هذا الحد. إنها كثيرا ما تمسك بخناقه متحدية لطماته، وتدعو عليه إذا غلبت على أمرها، أما إذا غلبته الخمر فلا سلامة إلا بالبعد عن وجهه. كثيرا ما أشعر برغبة في الهرب، وبكراهية شديدة لهذه الحياة، ولكني أروح عن نفسي بالبكاء حتى تؤلمني عيناي. ما علينا، انتظرت حتى ارتدى ثيابه وذهب، فتناولت الملاءة ولكن أمي تعرضت لي تحاول منعي كالعادة، ولكني تخلصت منها ومضيت إلى الخارج.
فتناول قدري يدها بين يديه وتساءل: ألا تخمن أين تذهبين؟ - لا أظن، لا يهمني، إنها على أي حال لا تجرؤ على إخبار أبي.
فضحك قدري ضحكة مقتضبة وسألها: ماذا تظنينه يفعل لو عرف؟
فرددت ضحكته في حيرة، ولكنها قالت: إني لا أخشاه على رغم شدته، بل أقول لك إني أحبه، وهو يحبني في سذاجة لا تتفق وحدة طبعه؛ ولا يبالي أن يقول إنني أغلى شيء في دنياه، ولعل هذا هو أصل متاعبي.
جلس قدري على الأرض أسفل الصخرة ودعاها إلى الجلوس بأن ربت الموضع جانبه، فجلست وهي تتخفف من حبكة الملاءة، ومال نحوها فلثم خدها، ثم قال: يبدو أن غزو أبي أيسر من غزو أبيك، ومع ذلك فشد ما يبدو فظا إذا جاء ذكر لأبيك. إنه ينكر عليه صفات ...
فضحكت قائلة وهي تذكر ما تردد عن ذكره: بني آدم! ... كذلك ينكر أبي عليه.
فحدجها بنظرة استنكار، فقالت: أبوك ينكر على أبي فظاظته، وأبي ينكر على أبيك طيبته، والمهم أنهما لم يتفقا على شيء.
فندت عن رأس قدري حركة كأنما ينطح الهواء. وقال بتحد: لكننا سنفعل ما نشاء.
فقالت هند وهي تنظر نحوه بعطف وإشفاق: أبي يستطيع أن يفعل ما يشاء كذلك! - وأنا قادر على أشياء كثيرة، ماذا يريد لك هذا العم السكير؟
অজানা পৃষ্ঠা