16
على شاطئ النيل معروف، وقد نقل ذلك السلطان الغوري إلى مدفنه بالقاهرة. والله أعلم».
فيعلم من هذا أن الآثار الشريفة نقلت من رباطها إلى هذه القبة في أيام الغوري أي في أوائل القرن العاشر، غير أننا لم نقف فيما بأيدينا من النصوص على تعيين السنة التي نقلت فيها، ويغلب على الظن أنها مذكورة في المدة الضائعة من تاريخ ابن إياس المطبوع بمصر، وهي من أثناء سنة 906، إلى آخر سنة 921، أما قول ابن إياس في حوادث جمادى الثانية من سنة 923، عن السلطان سليم: «وفيه أشيع أن السلطان سليم شاه نزل في مركب وتوجه نحو الآثار الشريفة، فقام عليه ريح عاصف فانقلبت به المركب في البحر فكاد أن يغرق وأغمي عليه وما بقي من موته شيء، وقيل: إنه كان سكران لا يعي، فكان في أجله فسحة حتى عاش إلى اليوم». فلا يؤخذ منه أن الآثار كانت باقية بالرباط إلى هذا العهد، بعد ما ثبت نقلها قبل ذلك زمن الغوري، وإنما مراده أنه ذهب للتنزه إلى الجهة المعروفة بذلك؛ لأن المسجد بقي معروفا بالآثار بعد نقلها منه.
نقلها إلى المسجد الحسيني
ظلت هذه الآثار الشريفة محفوظة بقبة الغوري مدة ثلاثة قرون ونيف إلى سنة 1275ه، ولا تخلو التواريخ من ذكرها في هذه المرة خلال الحوادث، فمما وقفنا عليه من ذلك قول ابن إياس في حوادث سنة 926، حينما توقف النيل عن الوفاء في ولاية ملك الأمراء خير بك على مصر. «فلما كان يوم الأحد سادس رمضان نزل ملك الأمراء وتوجه إلى المقياس وكان قد مضى من مسرى ستة وعشرون يوما، فأقام ملك الأمراء في المقياس ذلك اليوم، وفرقوا أجزاء الربعة على الحاضرين من الفقهاء، فقرءوا فيها عشرين دورا، ثم قرءوا صحيح البخاري هناك، وأشيع أن ملك الأمراء فرق هناك على الفقهاء ما لا له صورة وأحضر الأطفال الأيتام وفرق عليهم مبلغا له صورة وأحضر من الآثار الشريفة القميص من المدرسة الغورية
17
ووضعه في فسقية المقياس وغسلوه في الماء الذي بها، وكثر هناك الضجيج والبكاء والتضرع إلى الله تعالى بالزيادة».
وذكر الجبرتي في حوادث ربيع الأول من سنة 1203 ما نصه: «وفي عاشره أخبر بعض الناس قاضي العسكر أن بمدفن السلطان الغوري بداخل خزانة في القبة آثار النبي
صلى الله عليه وسلم ، وهي قطعة من قميصه وقطعة عصا وميل، فأحضر مباشر الوقف وطلب منه إحضار تلك الآثار وعمل لها صندوقا ووضعها في داخل بقجة وضمخها بالطيب ووضعها على كرسي ورفعها على رأس بعض الأتباع وركب القاضي والنائب وصحبته بعض المتعميين مشاة بين يديه يجهرون بالصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم
অজানা পৃষ্ঠা