120

بعيد ، او من المستحيل عادة فان التعلق بالدنيا نفسه معصية ، بل ان مقياس طول بقاء الانسان في عالم القبر والبرزخ هو امثال هذه التعلقات . فكلما كان التعلق بالدنيا اقل كان البرزخ وقبر الانسان اكثر نورا واوسع ، ومكثه فيه اقصر . لذلك فقد ورد في بعض الروايات : ان عالم القبر لاولياء الله لا يزيد عن ثلاثة ايام ، وانما كان هذا لاجل التعلق الطبيعي والعلاقة الجبلية لاولياء الله تجاه هذا العالم .

وان من مفاسد حب الدنيا والتعلق بها هو انه يجعل الانسان يخاف الموت . وهذا الخوف الناشئ من حب الدنيا ، والتعلق القلبي بها المذموم جدا . غير الخوف من المرجع مآل الانسان بعد الموت المعدود من صفات المؤمنين . ان اهم صعوبة في الموت هي ضغوطات لرفع هذه العلائق ، والخوف من الموت .

يقول المحقق والمدقق الاسلامي البارع ، السيد العظيم الشان ، الداماد ، كرم الله وجهه ، في كتابه «القبسات» الذي يعد من الكتب النادرة : «لا يخيفنك الموت ، فان مرارته في خوفه» (1) .

ومن المفاسد الكبيرة لحب الدنيا انه يمنع الانسان من الرياضات الشرعية والعبادات والمناسك ، ويقوي جانب الطبيعة في الانسان بحيث يجعلها تعصي الروح وتتمرد عليها ويوهن عزم الانسان وارادته ، مع ان من اكبر اسرار العبادات والرياضات الشرعية هو ان تجعل الجسم وقواه الطبيعية تابعة ومنقادة للروح بحيث يكون للارادة دورا مؤثرا في الجسم ويخضع الجسم لاوامر الارادة فيعمل ما تشاء ، ويمتنع عما تشاء ، ويصبح ملك الجسم وقواه الظاهرة مقهورا ومسخرا للملكوت بحيث انه يقوم بما يريد من دون مشقة ولا عناء .

ان من الفضائل والاسرار الشاقة والصعبة للعبادات تحقق هذا الهدف تسخير ملك الجسم للملكوت اكثر حيث يصير بذلك الانسان ذا عزم ، ويتغلب على الطبيعة والملك . فاذا اكتملت الارادة وقوي العزم واشتد ، اصبح كمثل الجسم وقواه الظاهرة والباطنة مثل ملائكة الله الذين لا يعصون الله وانما يطيعونه في كل ما يامرهم به وينهاهم عنه ، من دون ان يعانوا في ذلك عنتا ولا مشقة .

كذلك اذا اصبحت قوى الانسان مسخرة للروح ، زال كل تكلف وتعب وتحول الى الراحة واليسر ، واستسلمت اقاليم الملك السبعة للملكوت واصبحت جميع القوى عمالا له .

فاعلم ، يا عزيزي ، ان العزم والارادة القوية لذلك العالم ضروريان وذات فعالية . ان البلوغ لاحد مراتب الجنة والذي يعد من افضلها هو العزم والارادة . فالانسان الذي ليست له الاربعون حديثا :125

পৃষ্ঠা ১২৪