119

الاربعون حديثا :123

ولعل خطيئة آدم ابي البشر نجمت عن هذا التوجه القسري نحو تدبير الملك والحاجة الاضطرارية الى القمح وسائر الامور الطبيعية ، وهذه خطيئة بالنسبة الى اولياء الله والمنجذبين اليه . ولو بقي آدم عليه السلام في ذلك الانجذاب الالهي ، ولم يدخل في قضية الملك ، لما حدث كل هذا الشقاء والعناء في الدنيا والآخرة .

فصل: في بيان تأثير الحظوظ الدنيوية في القلب ومفاسده

اعلم ان ما تناله النفس من حظ في هذه الدنيا ، يترك اثرا في القلب ، وهو من تاثير الملك والطبيعة ، وهو السبب في تعلقه بالدنيا . وكلما ازداد التلذذ بالدنيا ، اشتد تاثر القلب وتعلقه بها وحبه لها ،الى ان يتجه القلب كليا نحو الدنيا وزخارفها ، وهذا يبعث على الكثير من المفاسد . ان جميع خطايا الانسان وابتلاءه بالمعاصي والسيئات سببها هو هذا الحب للدنيا والتعلق بها ، كما ورد في الحديث الذي اوردناه من كتاب اصول الكافي قبل قليل .

وان من المفاسد الكبيرة لحب الدنيا كما كان يقول شيخنا العارف (روحي فداه) هو انه اذا انطبع حب الدنيا على صفحة قلب الانسان ، واشتد الانس بها ، انكشف له عند الموت ان الحق المتعال يفصل بينه وبين محبوبه ، ويفرق بينه وبين مطلوبه ، فيغادر الدنيا ساخطا مغتاظا على ولي نعمته . ان هذا القول القاصم للظهر يجب ان يوقظ الانسان ايما ايقاظ للحفاظ على قلبه . فالعياذ بالله من انسان يسخط على ولي نعمته ، مالك الملوك الحق ، اذ ليس احد يعرف صورة هذا السخط والعداء ، غير الله تعالى .

ويقول ايضا شيخنا المعظم دام ظله نقلا عن ابيه المعظم ، انه كان في اواخر عمره خائفا بسبب المحبة التي كان يكنها لاحد اولاده ، ولكنه بعد الانهماك بالرياضات النفسية تخلص من ذلك الخوف ، وانتقل الى دار السرور مسرورا ، رضوان الله عليه .

جاء في «الكافي» باسناده عن طلحة بن زيد ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال :

«مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله» (1) .

ان حب الدنيا ينتهي بالانسان الى الهلاك الابدي ، وهو اصل البلايا والسيئات الباطنية والظاهرية وقد نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : «ان الدرهم والدينار اهلكا من كان قبلكم ، وهما مهلكاكم» .

وعلى فرض ان الانسان لم يرتكب معاصي اخرى على الرغم من ان هذا الفرض الاربعون حديثا :124

পৃষ্ঠা ১২৩