আনোয়ার রাবিক
أنوار الربيع في أنواع البديع
وما وثقت نفسي بخل من الورى ... أكان صديقًا أم عدوًا مداجيا
ولا خانني صبري ولا خف حادث ... بعزمي إذا ما الخطب ألقى المراسيا
وليس الفتى ذو الحزم من كان مولعا ... بشكوى الليالي والليالي كما هيا
ولكن فتى الفتيان من راح معرضا ... عن الدهر لا يرجو قريبًا ونائيا
وإني لأخفي الوجد صبرًا على الأسى ... ويبدي ضعيف الرأي ما كان خافيا
وأطوي الحشا طي السجل على الجوى ... فما علمت قوت من الوجد ما بيا
أصول بقلب لوذعي ومقول ... يفل شباه المشرفي اليمانيا
وأنظم من حر الكلام قوافيا ... تكون لآثار المعالي قوافيا
ونزهت شعري من هجاء ومدحة ... ولولا الهوى ما كنت أطري الغوانيا
ولست أعد الشعر فخرًا وإنني ... لأنظم منه ما يفوق الدراريا
ولكنني أحمي الشعر فخرًا، وأتقي ... عداي وأرمي قاصدًا من رمانيا
وإن رميت لي فخرًا عددت من العلى ... مزايا عظامًا لا عظامًا بواليا
على أنني من هاشم في صميمها ... وحسبك بيتًا في ذرى المجد ساميا
ولنكتف من أمثلة هذا النوع بهذه النبذة.
وبيت بديعية الشيخ صفي الدين الحلي في نون الافتنان قوله:
ما كنت قبل ظبا الألحاظ قط أرى ... سيفًا أراق دمي إلا على قدمي
قال ابن حجة: كان المطلوب من الشيخ صفي الدين في هذا النوع غير هذا النظم مع عدم تكلفه بتسمية النوع. انتهى.
قلت: ما أحق لسان حال الشيخ صفي الدين أن ينشد:
وإذا خفيت على الغبي فعاذر ... أن لا تراني مقلة عمياءُ
وليت شعري ما الذي أنكره من هذا البيت حتى يتعقبه بهذا الكلام، ولقد جاء فيه بأحسن التشبيب وأعظم الحماسة.
وحماسته هذه تشير بطرف خفي إلى قول الآخر:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
وابن جابر الأندلسي لم ينظم هذا النوع في بديعيته.
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:
كان افتناني ثغرًا راق مبسمه ... صار افتناني بثغر غير سفك دمي
هذا أيضًا افتنان بالنسيب والحماسة.
وبيت ابن حجة قوله:
تغزلي وافتناني في شمائلهم ... أضحى رثا لاصطباري بعد بعدهمِ
قال ناظمه: الجمع في افتنان هذا البيت بين النسب الخالص والتعزية. انتهى. يعني بالتعزية النعي لأنه نعي اصطباره في الشطر الثاني، وفي كون هذا افتنانًا نظر، لأن هذا في الحقيقة راجع إلى النسيب أيضًا، والافتنان ينبغي أن يكون بالجمع بين فنين مختلفين حقيقة. ثم إن في هذا البيت من قبح الفال ما تنبو عنه الأسماع وتنفر منه الطباع، فإنه ما يأتي قوله: لاصطباري إلا وقد رسخ في السمع، وقر في القلب أن تغزله وافتنانه في شمائل أحبابه أضحى رثاء، نعوذ بالله من ذلك، وما أورده هذا المصرع إلا بغية على الشيخ صفي الدين، فإنه لا بد للباغي من مصرع.
وبيت الطبري قوله:
تبسموا مذ تفننت المديح لهم ... فلا يغرك منهم ثغر مبتسمِ
الافتنان في هذا البيت بالجمع بين المدح والهجاء الذي هو من نوع النزاهة، وهو حسن جدًا.
وبيت بديعيتي هو قولي:
إن افتنانهم في الحسن هيمني ... قدما وقد وطئت فرق السها قدمي
الافتنان في هذا البيت ظاهر، وهو الجمع بين النسيب والفخر.
وبيت بديعية الشيخ شرف الدين المقري قوله:
ألان مني الهوى ما لا يلينه ... صرف الليالي وبأس السيف والقلمِ
الافتنان فيه بالجمع بين الغزل والحماسة.
اللف والنشر
لفي ونشري انتهائي مبدئي شغفي ... معهم لديهم إليهم منهم بهمِ
اللف والنشر هو أن تذكر متعددًا، أما تفصيلًا بالنص على كل واحد أو إجمالًا، بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد، وهذا هو اللف. ثم تذكر أشياء على عدد ذلك، كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم من غير تعيين، أشياء بأن السامع يرد كل واحد إلى ما يليق به، وهذا هو النشر.
فالأول وهو ذكر المتعدد تفصيلًا ضربان:
1 / 68