***
وإذا وقفت بعرفة، فتذكر حال وقوفك بين يدي الله سبحانه يوم القيامة مع سائر الأمة، وما هم فيه من شدائد الأهوال، ومشقات الأحوال، منتظرين ما يقضى عليهم من دار جنة أو نار. فكذلك أهل عرفة منتظرون ما قسم لهم من قبول مع الأبرار، أو رد مع الفجار.
وتذكر اختلاف أحوال الناس في موقف عرفة: وهم بين راكب من أهل القوة والثروة، وماش وعاجز في القدرة، حالهم يوم القيامة: فمنهم من يحشر راكبا على النجائب، ومنهم من يحشر ماشيا، ومنهم من يحشر على وجهه، على قدر المناقب والمناصب والمتاعب. وكن بين الخوف والرجاء في جميع المراتب.
وروي أن الفضيل بن عياض وقف بعرفة والناس يدعون فبكى بكاء الثكلى المحترقة، فلما كادت الشمس أن تسقط قبض لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: واسوأتاه وإن عفوت.
وقال بعض السلف: رأيت شابا في الموقف مطرقا برأسه إلى الأرض منذ وقف الناس إلى أن سقط القرص، فقلت يا هذا: ابسط يدك للدعاء، فقال: لي ثمة وجه! قلت له: هذا يوم العفو عن الذنوب، فبسط يده، ففي بسط يده وقع ميتا.
...[ 205 ب ] وقيل لبعض السلف وقد ضحى للشمس بعرفة في يوم شديد/ الحر، لو أخذت بالتوسعة، فأنشد:
ضحيت له كي أستظل بظله...... إذا الظل أضحى في القيامة خالصا
فيا أسفي إن كان سعيي باطلا.........ويا حسرتا إن كان حظي ناقصا
পৃষ্ঠা ৫৮