الأنبارى، وحكى ابن خلكان فى ترجمة ابن الشجرى، قال: «وذكره الحافظ أبو سعد السمعانى فى كتاب الذيل (١)، وقال: اجتمعنا فى دار الوزير أبى القاسم على بن طراد الزينبى وقت قراءتى عليه الحديث، وعلقت عنه شيئا من الشعر فى المدرسة، ثم مضيت إليه وقرأت عليه جزءا من أمالى أبى العباس ثعلب النحوى».
أما الإمام الزمخشرى، فقد ذكر أبو البركات الأنبارى فى ترجمته (٢)، قال:
«وقدم إلى بغداد للحج، فجاءه شيخنا الشريف ابن الشجرى، مهنئا له بقدومه، فلما جالسه أنشده الشريف، فقال:
كانت مساءلة الركبان تخبرنى ... عن أحمد بن دواد أطيب الخبر (٣)
حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذنى بأحسن ممّا قد رأى بصرى
وأنشده أيضا:
وأستكثر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغّر الخبر الخبر (٤)
وأثنى عليه، ولم ينطق الزمخشرى حتى فرغ الشريف من كلامه، فلما فرغ، شكر الشريف وعظّمه وتصاغر له، وقال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله ﷺ، فحين بصر بالنبى ﷺ رفع صوته بالشهادة، فقال له الرسول ﷺ:
«يا زيد الخيل، كل رجل وصف لى وجدته دون الصفة، إلا أنت، فإنك فوق ما وصفت»، وكذلك أنت يا أيها الشريف (٥)، ودعا له وأثنى عليه. قال:
فتعجب الحاضرون من كلامهما، لأن الخبر كان أليق بالشريف، والشعر أليق بالزمخشرى».
_________
(١) يريد الذيل على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى.
(٢) نزهة الألباء، الموضع المذكور من قبل.
(٣) البيتان ينسبان لابن هانئ الأندلس، يقولهما فى جعفر بن فلاح. راجع وفيات الأعيان ١/ ٣٦٢،٥/ ٩٧، وأنشدهما من غير نسبة ابن الشجرى فى حماسته ص ٤٠٦، والرواية عنده وعند ابن خلكان: «عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر». ورواه شارح شواهد الكشاف ٤/ ٣٤١: «عن أحمد بن سعيد». وذكر القصة.
(٤) للمتنبى فى ديوانه ٢/ ١٥٥.
(٥) فى نزهة الألباء: «وكذلك الشريف» وأثبت ما فى شرح شواهد الكشاف. وفى رواية ياقوت فى معجم الأدباء ١٩/ ١٢٩: «وكذلك سيدنا الشريف».
المقدمة / 19