নাৎসি জার্মানি: আধুনিক ইউরোপীয় ইতিহাসের একটি অধ্যয়ন (১৯৩৯-১৯৪৫)
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
জনগুলি
بيد أن النجاح كان من نصيب النازيين في النهاية لعدة أسباب، منها عدا ما تقدم: أن الأزمة الاقتصادية الكبرى كانت على وشك اجتياح العالم، ويحدد عام 1929 بداية هذه الأزمة الدولية، وكان من أخطر أسبابها: التوسع في الإنتاج الصناعي. وفي ألمانيا ذاتها حدث هذا التوسع بسرعة عظيمة، وبدرجة تكفي لسد مطالب جزء كبير من أسواق العالم قاطبة، ولكنه كما قال أحد زعماء الصناعة الألمان «كروب فون بوهلن
Krupp von Bohlen »: «إن الصناعة شيء، والقدرة على بيع المصنوعات شيء آخر!» ولم تستطع السوق الألمانية الداخلية بطبيعة الحال استهلاك كل هذه المنتجات، وكان من الضروري إيجاد أسواق خارجية ولكنه، كما قال «كروب» أيضا: «كانت أسواق العالم مغلقة دوننا مع حاجتنا إلى هذه الأسواق؛ فقد أقامت بريطانيا العظمى حواجز جمركية، كما كانت تعترض التجارة الألمانية في فرنسا وإيطاليا والسويد والبلقان، وفي كل مكان عراقيل من المنتظر أن يصبح التغلب عليها متعذرا من جراء ازدياد هذه العراقيل زيادة مطردة»؛ ولذلك فلم يكد يحل عام 1930، حتى كان العمال الألمان يواجهون أزمة شديدة، فقد تعطل منهم في الأسبوعين الأولين من شهر يناير حوالي الأربعمائة ألف عامل، وهذا بينما زاد عدد المتعطلين في منتصف العام نفسه من حوالي المليونين إلى ستة ملايين. أما الصادرات الألمانية التي بلغت في عام 1929 حوالي الثلاثة عشر ألف مليون ريشمارك، فقد نقصت في عام 1933 إلى خمسة آلاف مليون ريشمارك فحسب. وإلى جانب هذا الجيش الجرار من المتعطلين، وجد عدد عظيم من الرجال والنساء الذين نقصت أوقات عملهم في اليوم إلى ساعات محدودة، وبالتالي نقصت قيمة الأجور التي يقبضونها، ويعيشون عليها. وهكذا أضحت ألمانيا في عام 1930 «بلد الشحاذين!» أي إنها رجعت إلى الحال التي كانت عليها في سنوات التضخم النقدي عقب الهدنة التي عقدت في نهاية الحرب العالمية الأولى. فإذا قدرنا أن كل رجل متعطل يعول في المتوسط أسرة مؤلفة من شخصين اثنين فحسب على أقل تقدير، لوجدنا أن عدد من صاروا يعيشون في بؤس وتعاسة ويعتمدون في قوتهم اليومي على إعانات الدولة وحسنات المتصدقين قد بلغ ثمانية عشر مليونا، هذا عدا حوالي عشرين مليونا آخرين يعيشون على أجورهم المخفضة.
وكان من نتائج سوء الحالة الاقتصادية، أن طرد الاشتراكيون الديموقراطيون من الحكم، وألف الوزارة رجال «الوسط» وعلى رأسهم «هنريك بروننج
Brüning »، وأما النتيجة الهامة فكانت القضاء على أي أمل في بعث الطبقة المتوسطة الألمانية من جديد، وهي دائما عماد الجمهورية الديموقراطية أو الملكية البرلمانية. فقد قضى التضخم النقدي على هذه الطبقة، ثم لم يمكن إحياؤها في فترة الرخاء الصناعي المفتعل بين عامي 1925-1929، وكان الاشتراكيون الديموقراطيون وحدهم الذين أفادوا من هذا الرخاء، وعندما وقعت الأزمة كان «هرمان مولر
Müller » الوزير الاشتراكي على رأس الحكومة «منذ يولية 1928»، فلم تلبث أن سقطت حكومته بسبب الأزمة في مارس 1930، وبسقوط هذه الحكومة اختفى كل أمل في إمكان إحياء الجمهورية الألمانية.
وأعطى هذا الاضطراب الاقتصادي والسياسي الفرص للوطنيين الاشتراكيين، حتى يعودوا إلى مسرح السياسة بعد أن ظلوا محتجين طوال السنوات الأربع الماضية، وهكذا فاز النازيون في انتخابات 14 سبتمبر 1930 بعدد من المقاعد في مجلس الريخستاج بلغ 107 (بعد أن كان لهم 12 مقعدا ليس غير). وكان لهذا الانتصار مغزى كبير، فإن النازيين عندما بلغ عدد المتعطلين حوالي المليون، كان كل ما أحرزوه من أصوات يقل عن المليون، حتى إذا ارتفع عدد المتعطلين إلى ستة ملايين، ظفروا بستة ملايين صوت، ثم استغل النازيون هذا الانتصار إلى درجة بعيدة، فنشطت دعاوتهم تستميل إليهم الأنصار والمؤيدين، وتخفف الأسى عن المتعطلين المنكوبين، ذلك بأنها صارت تلصق مسئولية النكبات الاقتصادية التي حلت بالشعب الألماني، بالساسة الذين وضعوا شروط الصلح في فرساي، وفرضوا على ألمانيا التعويضات، وهذا كله - كما ادعوا - بتحريض من فرنسا عدو الألمان التاريخي. وهكذا ظفر النازيون بأصوات الناخبين الذين انصرفوا أيضا عن تأييد الشيوعيين؛ لخوفهم من أن يدفع هؤلاء بالأمة إلى خوض غمار حرب جديدة، فلم ينل الشيوعيون في هذه الانتخابات سوى 77 مقعدا. وفي الريخستاج، منذ أن خرج الاشتراكيون الديموقراطيون وأنصارهم، أصبح الحكم البرلماني مستحيلا بسبب العداء المستحكم بين الوطنيين الاشتراكيين، وبين الشيوعيين الذين سيطروا فيما بينهم على الحياة السياسية. وكان هذا النضال مؤذنا بنهاية جمهورية ويمار، وممهدا في الحقيقة لاستئثار النازيين بالسلطان الكامل في الدولة.
وفي الشهور التالية ازدادت الأحوال الاقتصادية سوءا، وأفاد النازيون من ذلك كل فائدة؛ لأن الأهلين الذين تذوقوا طعم الفاقة، وأحسوا بالضنك ومرارة العيش، سرعان ما صاروا يتوقون إلى حدوث تغيير أو تبديل جوهري من شأنه إفساح المجال لجماعة جدد من السياسيين الذين قد يستطيعون انتشالهم من وهدة البؤس والعوز. ولما كانوا قليلي الثقة بالشيوعيين، فقد عقدوا آمالهم على الوطنيين الاشتراكيين، واستطاع الهر هتلر بفضل مؤازرتهم أن ينال في الانتخابات التي أجريت لرياسة الجمهورية في التصويت الأول «في مارس 1932» 11344119 صوتا أو أما يزيد على 30٪، ونال في التصويت الثاني «في 10 أبريل 1932» 13417460 صوتا أو حوالي 37٪، بينما فاز «هندنبرج» بنحو سبعة عشر مليونا ونصف من الأصوات، وفي الانتخابات التالية لمجلس الريخستاج في «31 يولية 1932» أحرز النازيون 13733000 صوت أو ما يزيد على حوالي 37٪ وظفروا بمائتين وثلاثين مقعدا. •••
ومع هذا، فإنه من الحقائق المعروفة أن الهر هتلر ما كان يستطيع الوصول إلى منصب المستشارية، أي رئاسة الحكومة في الريخ الألماني ، لو أن «البطانة» المقربة من رئيس الجمهورية «هندنبرج» ظلت متحدة، ولم يعمد بعض أعضائها إلى المناورات السياسية للتخلص من منافسيهم ، والاستئثار بالسيطرة على رجل تقدمت به السن كثيرا، حتى يخلص لهم الحكم في ألمانيا. فمن الثابت أن هندنبرج عقب انتخابات 31 يولية 1932 رفض أن يولي الهر هتلر منصب المستشارية عندما زين فرانز فون بابن
Franz Von Papen
أحد أفراد البطانة لهتلر، أن يطلب إلى الماريشال الكهل إعطاءه مركزا مشابها للمركز الذي ظفر به موسوليني عقب زحفه المشهور على رومة، فغضب هندنبرج وقال كلمته المأثورة: «أيتوقع مثل هذا الرجل أن يصبح مستشارا لدولة الريخ! إن كل ما يستطيع أن يظفر به هو منصب ساعي بريد!» ومن الثابت كذلك أن النازيين في انتخابات 6 نوفمبر 1932، لم يلبثوا أن فقدوا عددا كبيرا من الأصوات، فلم يزد ما أحرزوه على 11700000 صوت تقريبا، ولكن المناورات السياسية وحدها هي التي مهدت الطريق لوصول الهر هتلر إلى منصب المستشارية في النهاية.
অজানা পৃষ্ঠা