নাৎসি জার্মানি: আধুনিক ইউরোপীয় ইতিহাসের একটি অধ্যয়ন (১৯৩৯-১৯৪৫)

মুহাম্মদ ফুআদ শুকরি d. 1392 AH
108

নাৎসি জার্মানি: আধুনিক ইউরোপীয় ইতিহাসের একটি অধ্যয়ন (১৯৩৯-১৯৪৫)

ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)

জনগুলি

تهمل من الآن فصاعدا بمقتضى قرار أصدرته وزارة الدفاع مدة الحبس المنصوص عليها في الأحكام الصادرة بالأشغال الشاقة مدة الحرب، على شرط أن تكون هذه الأحكام قد صدرت في جرائم ارتكبت في أثناء الحرب، ومعنى ذلك من الوجهة العملية أن أحكام الأشغال الشاقة تظل سارية من تلقاء نفسها طوال مدة الحرب الحالية.

أي إنه لا يحدث إفراج عن أحد هؤلاء المحبوسين مهما قصرت مدة الحبس المحكوم بها عليهم ما دامت الحرب قائمة. وغني عن البيان أن الجرائم التي يعنيها هذا الأمر كانت تلك التي اتصلت بأعمال المقاومة من إيجابية وسلبية في داخل الريخ الألماني، وذلك منذ أخذت هذه المقاومة تشتد وتتسع رقعة نشاطها بعد قيام الحرب الهتلرية على وجه الخصوص، وبالرغم من تلك الانتصارات الخاطفة التي أحرزها النازيون في جبهات الحرب المختلفة؛ إذ إنه عقب نشوب الحرب ألقى الجستابو القبض على مئات الأهلين وأعدموا منهم عددا كبيرا، ثم ألقوا بما بقي منهم في غياهب السجون وأرسلوهم إلى معسكرات الاعتقال. وقد أمكن العثور على أسماء أشخاص عديدين من هؤلاء الضحايا أعضاء تلك «الجبهة الرابعة» التي تحدث عنها هيملر في «وثيقة عام 1937» السابقة، وكان ذلك بفضل ما نشرته الصحف النازية نفسها بين وقت وآخر من أنبائهم. فقد درجت هذه الصحف على نشر أسماء الأفراد الذين ثبتت إدانتهم وصدرت أحكام ضدهم، فضلا عن أنها كانت تذكر نوع الجريمة التي ارتكبها هؤلاء واستحقوا من أجلها عقوبة الإعدام أو الحبس، وقد ذكرت كذلك التواريخ التي نفذت فيها هذه العقوبات. ويتضح من القوائم التي نشرتها الصحف النازية وقتذاك أن عدد الأفراد الذين أعدمهم النازيون بين 19 أكتوبر 1939 و15 سبتمبر 1941 بلغ خمسين في داخل الريخ، نشرت الصحف النازية أسماءهم وتواريخ إعدامهم ونوع الجرائم التي ارتكبوها. وكانت هذه الجرائم منوعة، منها جريمة الخيانة العظمى وأعمال التخريب، والاستماع إلى الإذاعات الأجنبية وإيواء الطيارين الأعداء، والاشتراك في أحزاب أو جماعات معارضة للنظام القائم وغير ذلك. أما أولئك الذين قتلهم الجستابو وعرفت أسماؤهم بين 24 أكتوبر 1939 و12 سبتمبر 1941 - أي في الوقت الذي كان النازيون قد بلغوا فيه ذروة قوتهم وبسطوا سلطانهم على رقعة شاسعة من أوروبا - فقد بلغوا 33 شخصا، وفضلا عن ذلك فقد صدرت أحكام بالسجن تتراوح مدتها بين 12-108 أشهر على عدد من الأفراد بلغ 69 بين ديسمبر 1939 ونوفمبر 1941، وذلك بسبب استماعهم للإذاعة البريطانية

B. B. C. ، وأعدم واحد في نورمبرج لهذا السبب نفسه في 20 مايو 1941.

على أنه مما ينبغي ذكره أن الإحصائيات الآنفة - وهي كما هو ظاهر لغاية نهاية عام 1941 - لا تشتمل على جميع ما صدر من أحكام بالحبس أو بالإعدام في ألمانيا خلال هذه المدة؛ فقد غصت السجون بالرجال والنساء بسبب الاستماع إلى الإذاعات الأجنبية عموما أو إظهار الاحتقار عند الحديث عن حكومة الريخ أو السخر بشخص الزعيم هتلر أو ترويج الإشاعات والأخبار الكاذبة أو التي ينجم عن إذاعتها ضرر، أو التسبب في ضياع قطع الآلات من المصانع و«الورش»، أو إبداء العطف على أسرى الحرب بإعطائهم بعض لفافات التبغ أو الأطعمة أو المشروبات، أو معاشرة العمال الأجانب المسخرين في خدمة الريخ معاشرة الصديق والخليل، وقد منع النازيون الشابات الألمانيات على وجه الخصوص من معاشرة البولنديين، كما منعوا الرجال الألمان من مخالطة البولنديات.

وواضح في صرامة هذه الأحكام وكثرتها أن ألمانيا ذاتها كانت تعاني نوعا من المقاومة الإيجابية والسلبية لا يقل في شدته عن مقاومة الشعوب الأوروبية المقهورة وقتذاك. فإذا تذكرنا أن عدد القادرين على المقاومة الإيجابية كان قليلا من جراء تجنيد كل صالح للخدمة العسكرية في ألمانيا وإرساله إلى ميادين القتال أو إلى البلدان المحتلة، وأدركنا أن الإحصائيات التي جمعت والحوادث المتفرقة التي عرفت مما كانت تنشره الصحف النازية لا يمكن بأي حال أن تكون كاملة أو نصف كل ما كان يحدث من وقائع؛ لأن النازيين إنما كانوا يقصدون بما ينشرونه تذكير سواد الشعب بأنه من الخير كل الخير الإقلاع عن المقاومة والرضا بالعيش في ظل النظام القائم، وعرفنا أنه لم يكن من صالح النازيين بتاتا أن ينشروا على الملأ كافة ما كان يحدث من ضروب المقاومة خوفا من تصدع الجبهة الداخلية، إذا تذكرنا ذلك كله أمكننا أن نقف على مدى المقاومة التي كان يصادفها النازيون في داخل الريخ الثالث نفسه.

بيد أن أكثر ما كان يخشاه هؤلاء في الحقيقة إنما هو انتشار «التخريب» في داخل المصانع الألمانية، فقد وقعت حوادث من هذا النوع لا ريب في أنها كانت كثيرة، وقد أمكن الوقوف على شيء منها مما نشرته الصحف النازية وقتذاك. مثال ذلك ما حدث في مصنع «شمنيتز

Chemnitz » للأسلحة حيث وقع ما لا يقل عن 179 حادث إتلاف في خلال شهر واحد (فبراير 1942)، أو ذلك التخريب الذي عطلت بسببه محطة «فورباخ

Forbach » لتوليد الكهرباء. ومما يجدر ذكره أنه قبل حدوث هذا التخريب ببضعة أيام وزعت عدة منشورات ضد النازية بين العمال وفي القرى المجاورة، وألقى الجستابو القبض على كثيرين لهذا السبب. وكان من حوادث التخريب ذات الخطر أيضا تلك الانفجارات التي خربت المصانع في «سبانداو

Spandau » قرب برلين في الوقت نفسه.

وعلى ذلك كان متعذرا على المرء أن ينكر وجود المعارضة الداخلية في ألمانيا ضد السادة النازيين على الرغم مما ابتكره هؤلاء من أساليب الدعاية لإقناع العالم الخارجي في ذلك الحين بأن دولتهم قد أصبحت نازية لحما ودما. وفيما يلي سوف يجد القارئ الدليل تلو الدليل على أن النازيين لم يستطيعوا بتاتا إخماد هذه المعارضة رغم قسوتهم، بل إن هذه المعارضة نبتت منذ وصولهم إلى الحكم وبقيت إلى وقت انهيار دولتهم. وكان من أسباب ازدياد قوتها نشوب الحرب الهتلرية؛ إذ سرعان ما أظهرت الحرب بطلان دعاوى النازيين الذين وعدوا مواطنيهم بأنها سوف تكون حربا خاطفة تنتهي بعد شهور معدودة لا يلبث أبناء الريخ الثالث بعدها حتى يجدوا أنفسهم سادة شعوب العالم قاطبة.

অজানা পৃষ্ঠা