92

ورأس هذه المدرسة هو سقراط 469-399ق.م أستاذ أفلاطون، وأسبق القائلين في القدم برد العقيدة والعبادة إلى الضمير.

وقد كان سقراط من أصحاب الهواتف الخفية، وكان يستمع إلى هاتف يخيل إليه أنه يلازمه ويوحي إليه وينفخ في روعه بما يلهمه الرشد والصواب.

ولكنه لم ينصرف إلى مباحث ما وراء الطبيعة كانصرافه إلى مباحث الأخلاق والسياسة وقواعد المعرفة والثقافة النفسية، فكان قصارى ما أثر عنه من الآراء في مسائل العقيدة أنه يؤمن بخلود الروح وسلامتها من الفساد مع الجسد بعد الموت، وأنها ترجع إلى معدنها الأول من الصفاء المنزه عن التجسيد والتركيب، وكان يتكلم عن الآلهة تارة وعن الإله تارة أخرى، إلا أنه ينزهها جميعا عن تلك الخلائق البشرية التي تعزى إليها في قصص الرواة وأساطير الشعراء، ويؤمن برعايتها للبشر وعكوفها على الخير والسعادة، وينعي على الذين يحسبون العبادة قائمة على القرابين والضحايا وذبائح الماشية، ولا يرى الإنسان عبادة مقبولة إذا خلا من خلوص النية وصفاء الضمير.

ولعله قد أسس قواعد البحث والمنطق بتعويده تلاميذه أن يستخلصوا الحدود والتعريفات من المشاهدات والمحسوسات، وأن يجعلوا هذه الحدود أساسا للقياس وترتيب النتائج من المقدمات.

ولا شك أن هذه الحدود قد وجهت المفكرين بعده إلى الفصل بين خصائص الأشياء ومقوماتها، وكان أرسطو يتوخاها في تقسيماته المنطقية وتطبيقاته الفلسفية، وبها أقام ذلك السد الحائل بين جميع خصائص العقل وجميع خصائص المادة الأولية أو الهيولى، فكان وضع الحد عندهم أهم من تقرير الجوامع والمقاربات. •••

وخلفه تلميذه أفلاطون 427-437ق.م فتبعه في مباحث الأخلاق والسياسة والثقافة النفسية، وتبع فيثاغوراس في العقائد الروحية ومزج الفلسفة بالرياضة والدين.

ولو لم يكن أفلاطون وثني البيئة لكان أرفع الإلهيين تنزيها للوحدانية، ولكن البيئة الوثنية غلبته على تفكيره بحكم العادة وتواتر المحسوسات، فأدخل في عقيدته أربابا وأنصاف أرباب لا محل لها في ديانات التوحيد، ولا سيما عند الفلاسفة والموحدين.

فالوجود في مذهب أفلاطون طبقتان متقابلتان: طبقة العقل المطلق وطبقة المادة الأولية أو الهيولى

Hule .

والقدرة كلها من العقل المطلق، والعجز كله من الهيولى.

অজানা পৃষ্ঠা