وأبقى ما بقي من آرائه في الإلهيات والطبيعيات أن الله «حب» وأن العناصر أربعة: وهي النار والتراب والهواء والماء، وكان السابقون له يذكرونها عرضا ولكنهم لا يعتبرونها مبادئ المادة على سبيل التحديد. •••
أما المدرسة الرواقية فقد أوشكت أن تكون نحلة دينية؛ لأنها امتازت بعلم كعلم اللاهوت في المسيحية أو علم الكلام في الإسلام، وهي لاحقة لمدرسة سقراط وأفلاطون وأرسطو في تاريخ الظهور، ولكننا نفردها على حدة قبل الكتابة عن المدرسة الأثينية؛ لأنها نمط مستقل في مباحث الفلسفة على الإجمال، وبينها وبين المدرسة الأثينية فرق واضح في الطبيعة والموضوع.
وأشهر فلاسفتها المستجمعين لنواحي التفكير فيها ثلاثة: هم زينون وكليانتاس وشريسبس، وكلهم متقاربون في تاريخ الميلاد.
فزينون ولد سنة 336 قبل الميلاد في قبرص وعاش وعلم في أثينا، وخلاصة رأيه أن الموجود هو الفاعل أو المنفعل، وأن أصل الموجودات كلها النار، وأصل النار الهيولى، والله هو العقل الفاعل والهيولى هي المادة المنفعلة، ولكنه لا يؤمن بوجود لشيء غير مادي، فالله عنده «أثير» لطيف، وروى عنه جالينوس أنه يعارض أفلاطون؛ لأن أفلاطون كان يرى أن الله جوهر منزه عن المادة الجسدية، وزينون يقول: إنه جوهر ذو مادة
Soma
وأن الكون كله هو قوام جوهر الإله، وإن الإله يتخلل أجزاء الكون كما يتخلل العسل قرص الخلايا، وأن الناموس
Nomos
وهو بعبارة أخرى مرادف للعقل الحق
Orthos Logos
أو الكلمة الحقة - هو والإله زيوس شيء واحد يقوم على تصريف مقادير الكون، وكان زينون يرى الكواكب والأيام صفة إلهية، ويعتقد أن الفلك ينتهي بالحريق، وتستكن في ناره جميع خصائص الموجودات المقبلة وأسبابها ومقاديرها، فتعود كرة بعد كرة بفعل العقل وتقديره، ويشملها قضاء مبرم وقانون محكم، كأنها مدينة يسهر عليها حراس الشريعة والنظام.
অজানা পৃষ্ঠা