============================================================
القن الرايع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة ومن غيرهم ضرار وحفص: إنها قبل الفعل، وهي غير الإنسان المستطيع، إلا قول ضرار وحفص فإنهما يزعمان أنها بعض المستطيع وليست بموجبة للفعل.
قالوا: لأنها لو كانث موجبة له توجد إذا وجدث وتعدم إذا عدمت، كان الفعل الموجب بها الفاعل الاستطاعة دون المستطيع، ولم يكن الفعل بأن يكون حدث بالاستطاعة وحدثث بالفعل من أجل وجوده.
قالوا: ولو كانث الاستطاعة مع الفعل كان الإنسان مستطيعا لأن يفعل المفعول ويوجد الموجود، ولو جاز ذلك جاز أن يفعل ما وجد أمس، ويوجد ما هو موجود منذ دهر.
قالوا: ولو كان الإنسان قادرا على الفعل في حالة، لكان قادرا على تركه في تلك الحال؛ لأن من قدر على الفعل قدر على الترك، ولو كان هذا هكذا، كان قادرا على الجمع بين الفعل وتركه، وهذا محال.
وقال قوم ممن ينتحل العدل: إن الاستطاعة مع الفعل، إلا أنها يصلح أن يكون بها في حال حدوثها للطاعة والمعصية والفعل وتركه كل واحد بدلا من صاحبه، وإنها تحدث في كل وقت ولن تبقى.
وحكي هذا القول عن أبي حنيفة وقوم من الإباضية، وبه كان يقول أبو عيسى الوراق، وإليه سار ابن الراوندي حين طردته المعتزلة من مجالسها.
وقال هشام بن الحكم: إن من الاستطاعة ما هو موجود قبل الفعل، ومنها ما لا يوجد إلا في حال الفعل، وهو السبب الحادث أن الفعل لا يكون إلا بالسبب، فإذا وجد ذلك السبب أو أحدثه الله كان الفعل لا محالة، وإن الموجد للفعل هو السبب، وما سواه مما هو استطاعة.
পৃষ্ঠা ৩০৫