واستكثر الصحابة على أنفسهم أن يتملكوا أصهار نبيهم وقائدهم - صلى الله عليه وسلم -، وحيال هذا العتق الجماعي، وإزاء هذه الأريحية الفذة، دخلت القبيلة كلها في دين الله. إن مرد هذا الحدث التاريخي وسببه البعيد، هو حب الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وتكريمهم إياه، وإكبارهم شخصه العظيم(1)، وتأسيهم بأخلاق قائدهم في معاملة الأسرى، والتي عهدوها من معلمهم في حروب سابقة .
المطلب الثالث : نموذج معركة حنين( 10 شوال 8 ه/30 يناير 630 م)
يقول "جان باغوت غلوب":
"وكان انتصار المسلمين [على هوازن] في حنين كاملا، حتى أنهم كسبوا غنائم كثيرة بين أعداد وفيرة من الإبل والغنم ، كما أسروا عددا ضخما من الأسرى معظمهم من نساء هوازن وأطفالها ، وعندما عاد النبي [- صلى الله عليه وسلم -] عن الطائف دون أن يتمكن من فتحها شرع يقسم الغنائم والأسلاب بين رجاله . ووصل إليه وفد من هوازن المهزومة المغلوبة على أمرها يرجوه إطلاق سراح النسوة والأطفال من الأسرى، وسرعان ما لبى النبي [- صلى الله عليه وسلم -] الطلب بما عرف عنه من دماثة وتسامح ، فلقد كان ينشد من جديد في ذروة انتصاره أن يكسب الناس أكثر من نشدانه عقابهم وقصاصهم"(2) .
لقد تأثر مالك بن عوف زعيم هوازن المهزومة بهذا العفو الكريم والخلق العظيم من محمد - صلى الله عليه وسلم -، بعدما أطلق له كل الأسرى من قومه..
فجادت قريحته لمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذ ينشد فاصلا من الشعر، يشكر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال مالك :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله
Ss ... s ... sSO1في الناس كلهم بمثل محمد
s
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي
Ss ... s ... sومتى تشأ يخبرك عما في غد
পৃষ্ঠা ৪৪