محبوبة. قال: فقم بنا يا عليّ ننظر ما تصنع، فنهضنا حتّى أتينا حجرتها، فإذا هي تضرب العود وتغنّي:
أدور في القصر، لا أرى أحدًا ... أشكو إليه، ولا يكلّمني
كأنّني قد أتيت معصيةً، ... ليست لها توبةٌ تخلّصني.
فهل شفيعٍ لنا، إلى ملكٍ، ... قد زارني في الكرى فصالحني،
حتّى إذا ما الصّباح لاح لنا، ... عاد إلى هجره فصادمني.
قال: فصاح أمير المؤمنين، وصحت معه. فتلقته وأكّبت على رجله تقبّلها، فقال: ما هذا؟ فقالت: يا مولاي رأيت في ليلتي هذه كأنّك صالحتني، فتعلّلت بما سمعت. قال: فأنا والله قد رأيت مثل ذلك. وقال: يا عليّ أرأيت أعجب من هذا وكيف اتّفق ورجعنا إلى الموضع الذي كنّا فيه. واصطلح. وما زالت تغنّيه هذه الأبيات يومنا ذلك. وازدادت حظوتها عنده حتّى كان من أمره ما كان. فتفرّقت جواريه، فصارت محبوبة إلى الوصيف الكبير، فما زالت باكيةً حزينةً، فدعاها يومًا مع من صار إليه من جواري المتوكّل فأمرهنّ فغنّين. ثمّ أمرها فاستعفته فأبى، فقلن لها: لو كان في حزننا فرحٌ لطال حزننا معك. وجيء بعودٍ فغنّت به:
أيّ عيشٍ يلذّ لي ... لا أرى فيه جعفرا
كلّ من كان ذا ضنًا ... وسقامٍ فقد برا
غير محبوبة التي ... لو ترى الموت يشترى
1 / 64