عنهم مع جواريها، فمرّت بعروة بن أذينة الليثي، وهو في فناء قصر ابن عتبة، فقالت لجواريها: من الشّيخ؟ فقلن لها: عروة. فعدلت إليه فقالت له: يا أبا عامر، تزعم أنّك لم تعشق قط وأنت تقول؟:
قالت: وأبثثتها وجدي فبحت به؛ ... قد كنت عندي تحت السّتر فاستتر
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: ... غطّي هواك وما ألقى على بصري.
كلّ ما ترى حواليّ من جوارٍ أحرارٍ إن كان خرج الكلام من قلبٍ سليمٍ.
وأمّا أهل الدّعاوي الباطلة، التي ليست أجسامهم بناحلة، ولا ألوانهم بحائلة، ولا عقوله بذاهبة، فهم عند ذوي الفراسة، يكذبون، وعند ذوي الظّرف محرومون. فمن ذلك ما روى العبّاس بن الأحنف، قال: بينما أنا أطوف، إذ بثلاث جوارٍ أترابٍ، فلمّا أبصرنني، قلن هذا العبّاس. ودنت إليّ إحداهنّ، فقالت: يا عبّاس أنت القائل؟:
ماذا لقيت من الهوى وعذابه ... طلعت عليّ بليّةٌ من بابه
قلت: نعم. قالت: كذبت يا ابن الفاعلة، لو كنت كذلك كنت أنا. ثمّ كشفت عن أشاجع معراة من اللحم، فأنشأت تقول:
1 / 60