كما هو المشهور عن الإمام أحمد (١) .
والاحتياط هنا: إنما يؤثر (٢) في استحباب صيام الثامن والتاسع من ذي الحجة مع الشك احتياطا. كما قال ابن سيرين وغيره أنه مع اشتباه الأشهر في (٣) شهر المحرم يصام منه ثلاثة أيام احتياطا ليحصل بذلك صيام يوم التاسع والعاشر، ووافقه (٤) الإمام أحمد ﵀ على ذلك (٥) .
وقد روي عن ابن عباس ﵄ أنه كان يعلل (٦) صيام التاسع مع العاشر بالاحتياط (٧) أيضا خشية فوات صوم يوم عاشوراء (٨) .
وأما أن الاحتياط ينهض (٩) إلى تحريم صيام يوم التاسع من ذي الحجة لمجرد (١٠) الشك فكلا، لأن الأصل
_________
(١) روى هذا القول عن أحمد ابنه عبد الله في المسائل ص ١٩٤، وابنه صالح في المسائل ٣ / ٢٠٢، وأبو داود في المسائل ص ٨٨.
والصحيح في هذه المسألة أنه لا يشرع صيام هذا اليوم، ولا يجزي لو صامه ثم تبين أنه من رمضان، سواء حال دون رؤيته غيم أو غيره أم لا، وهذا هو قول جمهور أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، لما روى البخاري ٤ / ١١٩، رقم (١٩٠٩)، ومسلم ٧ / ١٩٣ عن أبي هريرة مرفوعا: '' صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ''. وله شواهد كثيرة من أحاديث عدة من الصحابة يطول الكلام بذكرها. انظر جامع الأصول ٦ / ٢٦٨- ٢٧١، ٣٥٠، ٣٥١، ونصب الراية ٢ / ٤٣٧- ٤٤٣، وزاد المعاد ٢ / ٣٩- ٤٩، وترتيب صحيح الجامع ١ / ٣٩٠- ٣٩٢، وانظر شرح السنة ٦ / ٢٢٧- ٢٣٥، والتمهيد ١٤ / ٣٣٧- ٣٥٤، وشرح الزركشي ٢ / ٥٥٠- ٥٦١، وطرح التثريب ٤ / ١٠٥- ١١٤، والمجموع ٦ / ٢٠٣- ٢٣٥، وفتح الباري ٤ / ٢٢١، ٢٢٢، ونيل الأوطار ٤ / ٢٦٢- ٢٦٧.
وقد ألف بعض علماء الحنابلة رسائل في إيجاب صوم يوم الشك، وقابلهم آخرون فصنفوا في كراهة صومه وتحريمه، منهم محمد بن عبد الهادي الحنبلي. انظر حاشية الروض المربع للشيخ عبد الرحمن بن قاسم ٣ / ٣٥١.
وقد ذكر النووي في المجموع ٦ / ٤٠٨- ٤٣٥ ملخص رسالة ألفها القاضي أبو يعلى الحنبلي في إيجاب صوم يوم الشك وقت الغيم، ثم ذكر ملخص رسالة ألفها الخطيب البغدادي في الرد على رسالة أبي يعلى.
(٢) في ''ع '' و''م '': ''يعتبر''.
(٣) في ''ع '': ''وفي ''.
(٤) في '' ع '': '' ووافق '' وعليها علامة نسخة، وفي هامشها: '' ووافقه '' وعليها علامة نسخة أخرى.
(٥) قال في المغني ٤ / ٤٤١: '' قال أحمد: فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر ''. وانظر شرح الزركشي ٢ / ٦٤٠، والشرح الكبير لابن قدامة ٢ / ٥، والمبدع ٣ / ٥٢. ولم أقف على من روى هذا القول عن ابن سيرين.
(٦) في ''ع '': '' يصل '' ووضع عليها علامة نسخة، وفي هامشها: '' يعلل '' ووضع عليها علامة نسخة أخرى.
(٧) في '' م '': '' الاحتياط ''.
(٨) روى ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الصيام: في يوم عاشوراء أي يوم هو؟ ٣ / ٥٩، والطبري في تهذيب الآثار القسم الأول من مسند عمر ص ٢١٧، رقم (٢٤٣١، ٢٤٣٢)، والبيهقي في معرفة السنن كتاب الصيام: صيام يوم التاسع من المحرم مع العاشر ٦ / ٣٥١، رقم (٨٩٧٢) من طرق عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه كان يصوم في السفر يوم عاشوراء ويوالي بين اليومين خوفا أن يفوته. وإسناده ضعيف، لسوء حفظ شعبة. انظر التقريب ص ٢٢٦. وقد أشار المؤلف إلى ضعفه، حيث صدره بصيغة التمريض.
(٩) في '' ع '': '' نهض '' وعليها علامة نسخة. وفي هامشها: '' ينهض '' ووضع عليها علامة نسخة أخرى وعلامة تصحيح.
(١٠) في '' ع '': '' بمجرد '' ووضع عيها علامة نسخة، وفي هامشها: '' لمجرد '' ووضع عليها علامة نسخة أخرى.
1 / 29