الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في صوم هذا اليوم في هذه الحالة (١) أنه جائز بلا نزاع بين العلماء. قال: لأن الأصل عدم العاشر كما أنهم لو شكوا ليلة الثلاثين من رمضان هل طلع الهلال أم (٢) لم يطلع؟ فإنهم يصومون ذلك اليوم باتفاق الأئمة وإنما (٣) يوم الشك الذي رويت فيه الكراهة الشك (٤) في أول رمضان (٥)، لأن الأصل بقاء شعبان. انتهى (٦) .
_________
(١) في '' ع '': ''في هذا الحال ''.
(٢) في '' ع '': ''أو''.
(٣) في '' ع '': '' فإنما ''. وفي هامشها: '' وإنما '' وعليها علامة نسخة أخرى وعلامة تصحيح.
(٤) لفظة: ''الشك '': ليست في ''م '' والصحيح إثباتها، كما في مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٥ / ٢٠٤.
(٥) سيأتي ذكر أقوال أهل العلم في حكم صوم هذا اليوم ص (١٥- ١٦) .
(٦) جاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ ج ٢٥ ص ٢٠٢-٢٠٤ ما نصه: '' وسئل شيخ الإسلام ﵀ عن أهل مدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يثبت عند حاكم المدينة، فهل لهم أن يصوموا اليوم الذي في الظاهر التاسع وإن كان في الباطن العاشر؟ فأجاب: نعم يصومون التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة، وإن كان في نفس الأمر يكون عاشرا، ولو قدر ثبوت تلك الرؤية، فإن في السنن عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: '' صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون '' أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه. وعن عائشة ﵂ أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: '' الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس '' رواه الترمذي. وعلى هذا العمل عند أئمة المسلمين كلهم.
فإن الناس لو وقفوا بعرفة في اليوم العاشر خطأ أجزأهم الوقوف بالاتفاق، وكان ذلك اليوم يوم عرفة في حقهم، ولو وقفوا الثامن خطأ ففي الإجزاء نزاع، والأظهر صحة الوقوف أيضا، وهو أحد القولين في مذهب مالك ومذهب أحمد وغيره.
قالت عائشة ﵂: ''إنما عرفة اليوم الذي يعرفه الناس '' وأصل ذلك أن الله ﷾ علق الحكم بالهلال والشهر، فقال تعالى: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج. والهلال: اسم لما يستهل به: أي يعلن به ويجهر به، فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالا.
وكذا الشهر مأخوذ من الشهرة، فإن لم يشهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل، وإنما يغلط كثير من الناس في هذه المسألة، لظنهم أنه إذا طلع في السماء كانت تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا، وليس كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لا بد منه، ولهذا قال النبي ﷺ: '' صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون ''. أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم. وصوم اليوم الذي يشك فيه: هل هو تاسع ذي الحجة؟ أو عاشر ذي الحجة؟ جائز بلا نزاع بين العلماء، لأن الأصل عدم العاشر، كما أنهم لو شكوا ليلة الثلاثين من رمضان هل طلع الهلال أم لم يطلع؟ فإنهم يصومون ذلك اليوم المشكوك فيه باتفاق الأئمة، وإنما يوم الشك الذي رويت فيه الكراهة هو الشك في أول رمضان، لأن الأصل بقاء شعبان. ا. هـ.
1 / 21