وقد يقال فيه تأمل؛ فإن بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامة، والخطابات الشرعية أيضا غير خاصة؛ فاقتصارها على العرب غير مسموع، وخصوصية العرب في هذا الباب ممنوع.
فالأولى أن يقال: استعمال القرآن في الصفة القديمة إنما هو إذا أطلق في باب الصفة، وأما في الأحكام الشرعية فإنما يستعمل من حيث خصوصية النظم، وبه يتعلق الحكم.
- المسلك الثالث -
وهو الأصح الأرجح أن القرآن اسم للنظم والمعنى جميعا، كما حققه علماء الأصول تصريحا وتلويحا(1)، لكن مبنى النظم على التوسعة؛ لأنه غير مقصود خصوصا في حالة الصلاة التي هي حالة المناجاة، فتأدية المعنى فيها هي المقصود.
وأيضا مبنى القراءة على التيسير؛ ولهذا يسقط عن المقتدي بتحمل الإمام عندنا، وبخوف فوت الركعة عند مخالفنا، بخلاف سائر الأركان، فيجوز أن يكتفي فيه بالركن الأصلي، إذ التزام النظم لكل أحد عسير غير يسير.
ويؤيده أن القرآن نزل أولا بلغة قريش؛ لكونها أفصح اللغات، فلما تعسرت قراءته بتلك اللغة على سائر العرب نزل التخفيف، وأذن إلى سبع لغات، وسقطت رعاية تلك اللغة المخصوصة، واتسع الأمر حتى جاز لكل فريق أن يقرؤا بلغتهم المتداولة، فلما جاز للعربي ترك لغته إلى لغة غيره، جاز لغير العربي التجاوز عن العربي، فلهذا حكمنا بسقوط لزوم النظم، وإجزاء ما تيسر للقارئ من النظم.
পৃষ্ঠা ৮০