لما كان دخول رضا باشا ببقية من معه من جموع الغارة إلى صنعاء على أسوأ الأحوال عظمت الشدة على المحصورين بها وعدم الطعام مع ارتفاع سعر الصاع الواحد منه بصنعاء إلى أربعة ريالات، والمد الواحد إلى ريال بعد أكل بقية الجمال والبقر وبعض الأشجار، وأكل بعضهم الخيل والبغال والحمير ثم بعض الكلاب، فأجمع أمراء الأتراك وأعيان حكومتهم بصنعاء على إرسال وفدهم إلى حضرة الإمام إلى شبام كوكبان وكان على رأس وفدهم المولى الجهبذ الكبير المعمر الحسين بن علي العمري الصنعاني، والشريف محمد بن علي الشويع الحمزي الحسيني من مشايخ ناحية همدان، والنقيب عبد الله بن عبد الوهاب سنان. كان أولا خروجهم من صنعاء إلى سيف الإسلام أحمد بن قاسم حميد الدين إلى الروضة فأرسلهم ومعهم من لديه الوالد العلامة قاسم بن حسين العزي أبو طالب من الروضة إلى حضرة الإمام إلى شبام في يوم ثامن وعشرين المحرم الحرام من هذا العام.
ولما أقام هذا الوفد أياما بشبام لانتظار الإفادة من حضرة الإمام ضاق الحال بالأتراك في صنعاء وخافوا شر الهلاك، فأرسلوا في أول صفر وفدهم الثاني لطلب تأمينهم على تسليمهم صنعاء وما فيها من مدافع وبنادق وعدة ونحوها مما لبيت المال. وكان من رجال هذا الوفد من أعيان الحكومة التركية بصنعاء رجب أفندي المكتوبجي، ومظفر بك رئيس المحاسبة، وإبراهيم سيفي من أركان الحرب ومحاسبجي العسكرية، والسيد العلامة عبد الله بن علي عبد القادر من أعضاء مجلس إدارة الولاية بصنعاء، ورجع هذا الوفد الثاني التركي من شبام إلى صنعاء خامس صفر، ثم عاد ثانيا من صنعاء إلى شبام. وانتهت المراجعة بينهم ومولانا الإمام على تسليمهم صنعاء وانتقال الأتراك إلى مدينة مناخة مركز قضاء حراز، وأن يكون رفع أصحاب الإمام عن محاصرة من في مدينة إب وبلاد تعز باليمن الأسفل من الأتراك وأعوانهم وعقدت هدنة لمدة سنة كاملة وأن يأخذ الأتراك لهم ثمانمائة بندق ماوزر من البنادق التي بصنعاء فقط، وعلى الإمام الأمر بتحصيل الجمال لنقل أثقال الأتراك الخاصة إلى مناخة وعليهم الأجرة لها.
পৃষ্ঠা ২২