الرسالة العشرون
13 يوليو
لست مخطئا؛ إنني أقرأ في عينيها ما يسكن قلبها من العناية بي، ذلك واضح جلي، وإن فؤادي ليؤيد تلك الفكرة المشجعة، هامسا في أذني: هل أجرؤ على التلفظ بالأمل المحبوب؟ إنها «تحبني!» «تحبني!» إنني لأشعر بنفسي جليلا ساميا حين تخطر لي الفكرة، ما - نعم إنني سأقدم، فأخبر صديقي لأنه يفهم ما أعني - ما أشد إكباري لنفسي منذ شرفني عطفها وودادها، وهل يعد هذا تيها وكبرا؟ كلا بل هو شعور بالحقيقة. من ذا الذي ينازعني حبها؟ آه! ومع هذا فإنها حين تذكر اسم ألبرت، تذكره باحترام وانعطاف. وا حسرتاه! هناك أشعر كأنني ضابط طماح جم الآمال، قد جرد من رتبته، وانتزع منه شرفه، ففقد حوله وطوله واضطر أن يسلم سيفه.
الرسالة الحادية والعشرون
16 يوليو
إذا لمست يدها عفوا خفق فؤادي، وغلى الدم في عروقي، وإذا التقت قدمي بقدمها تحت المائدة أسرعت كل الإسراع فسحبتها، ثم دفعني شيء خفي فأعدتها مكانها الأول، وشعرت بأغرب الإحساس. أنا أمينها وصديقها، ولكن يا للنفس الطاهرة! إنها لا تدري ما تسومني من عذاب وألم، حين تسر إلي أنباء زواجها المزمع! وحين تضع يدها في يدي، ثم يملؤها الحديث حماسا فتدني مقعدها مني، حتى لأحس بأنفاسها العطرة، آه يا للسماء! إن كهرباء البرق ليست بأشد من هذه في شيء.
وا أسفاه أيها الصديق! هل أجرؤ يوما ما على احتقار هذه الثقة؟ بيد أنك تعرف فؤادي، إنه ليس بالفاسد المخادع ولكنه ضعيف، نعم ضعيف واه، والضعف بذرة الفساد. إنني أقدسها، إن قربها كل أملي، إنني أراها فأشعر بأعظم الابتهاج.
وهي مولعة بأغنية بسيطة، ملأى بالعواطف والبيان، توقعها على آلتها الموسيقية بتفنن وقوة وإبداع، فإذا ما بدأتها بدد الحزن وأبعد الأسى، فبرز أمامي برهان ناطق على ما يقال من تأثير الموسيقى وسحرها وقدرتها على تشتيت الكآبة والهموم، وفي الوقت الذي تحمل فيه الأفكار السوداء مشيرة إلى الموت والانتحار، تأتي هذه الأغنية الحلوة الرقيقة، فتحيي الميت من الوجدان، وتشتت سحب الخوف والفزع، وتحول عبوسة اليأس إلى ابتسام الفرح والسرور.
الرسالة الثانية والعشرون
18 يوليو
অজানা পৃষ্ঠা