" ألا وإنى أوتيت الكتاب ومثله معه " وفي وراية : " إلا إنى أوتيت القرآن ومثله معه " . وهذا الحديث من أغرب ما قذفته الرواية في سيلها ! لان النبي إذا كان قد أوتى مثل " الكتاب " أو " مثل القرآن " فمعنى ذلك أنه قد أوتى ذلك ليكون تماما على القرآن وإكمالا له لبيان دينه وشريعته - وإذا كان الامر كذلك فلم لم يعن النبي بكتابة هذا " المثل " في حياته ، عندما تلقاه عن ربه ، كما عنى بكتابة القرآن ؟ ولم لم يجعل له كتابا يقيدونه عند نزوله ، كما جعل للقرآن كتابا ؟ ولم اقتصر في النهى عن كتابة غير القرآن وأغفل هذا المثل فقال : " لا تكتبوا عنى شيئا غير القرآن " ولم يقل - وغير ما أوتيته معه وهو " مثله ! ! " . وهنا يجوز لسائل أن يسأل : هل يصح أن يدع النبي نصف ما أوحاه الله إليه يغدو بين الاذهان بغير قيد ، يمسكه هذا ، وينساه ذاك ، ويتزيد فيه ذلك ! مما يصيب غير المدون في كتاب محفوظ ؟ وهل يكون الرسول بعمله هذا قد بلغ الرسالة على وجهها ، وأدى الامانة كاملة إلى أهلها ! ! وأين كان هذا الحديث عندما قال النبي في مرضه الاخير الذى انقلب بعده إلى ربه ، وبعد أن نزلت الآية : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الاسلام دينا " : إنى والله ما تمسكوا على بشئ ، إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ، ولم أحرم إلا ما حرم القرآن (1) ، ثم أين كان هذا الحديث عند ما قال أبو بكر للناس : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ! وعندما قال عمر عندما طلب النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يحتضر أن يكتب للناس كتابا لن يضلوا بعده : حسبنا كتاب الله ! ولم لم يشفق عمر من ضياع هذا " المثل " ، وهو بزعمهم نصف ما أوحى الله به إلى النبي ، فيذكره لابي بكر عندما فزع إليه في أن يجمع القرآن ويكتبه بعد وقعة اليمامة ؟ ! ثم أين كان هذا المثل عندما أجابت عائشة في خلق النبي ، إذ كان عليها أن تقول كان خلقه القرآن ومثله معه ؟ ولكنها اكتفت بقولها : كان خلقه القرآن !
---
(1) ص 332 ج 4 سيرة ابن هشام . (*)
--- [ 53 ]
পৃষ্ঠা ৫২