============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف على ما ذكرته يتعلق بالكتاب والسنة ، وإن دق وخفي، ولكن يعرفه أهله ، وإنما بينت ذلك شرفا للصوفية المجهولة عند اكثر أهل النظر ، وأنهم القائمون بالكتاب والسنة في 3 العقود والنيات والسكون والحركات والعلوم والاشارات، فأهل الحقيقة من الصوفية ما وصفتهم وتقدم ذكرهم وأحوالهم فمن إدعى التصوف من غير بينة فدعواه باطلة وقوله زور : قال الله عز وجل : أذن لكم أم على الله تفترون}، وتكون دعواه مقرونة بالبلوى ، فمن ادعى التصوف ولم يشهد العلم بظاهر سيره والسنة بحركات طاعاته والزهد بما في ضميره فاختبره بقرين دعواه، فإن ذلك يفضحه ، وليس لأهل الأطباع والنفوس وأهل الرغبة في الدار الفانية 9 حقيقة في هذا المعنى، لأن أهل التصوف قوم آثروا الله على ما سواه ، وقبلوا من الحق بلواه، ورجعوا إليه بمعناه، فهم باختياره يتحركون وبأمره قانمون، لا يميلون إلى الدنيا ولا إلى اهلها ولا إلى آنفسهم واختيارها ، نظروا إلى الدنيا بعين الزوال، وإلى آنفسهم بعين 12 الفناء، فشهدوا الحق بحقائق الايقان ومشاهدة الايمان فغيبتهم المشاهدة عن الشواهد كلها، فأخذوا عن الله عز وجل أدب المعاملة وقاموا بحرمة المعرفة على بساط الخدمة، فمن هناك نطقوا وإلى قرب الحق قصدوا، فعلومهم إشارات ووجودهم خطرات، وكل 15 ذلك ما هو خفيات إلآ عن العارفين الذين قاموا بشرط الحقيقة وصدق الشريعة، وكل حقيقة لا تتبعها شريعة فهو كفر، كذا قال ابو سعيد الخراز، وحرام على من آشار إلى علوم التصوف وعلوم المعاملة وللدنيا (78) في قلبه محبة وإن اكثر من علوم الظواهر، فإن 18 علوم التصوف علم فرائض الله على القلوب، وعلم سير القلوب إلى الله تعالى في الغيوب، فلا تقوم معه محبة الغير.
ولله عز وجل في خاص عباده أسرار يأخذون عن الله عز وجل بالإلهام من غير 21 واسطة، ويعرفون بنور الالهام أحوال القلوب وخواطر الغيوب.
ثم جميع أهل العلوم المتفرقة في الظاهر من الفقه والحديث والتفسير والآداب قد
خصوا بواحد منها، وكلهم في طريق الكتاب والسنة يتمتعون ويأكلون ويشربون ويجمعون 14 ويزدادون بالحفظ علما وبالطلب والدرس والتعلم زيادة بعد زيادة، ويطلبون به عز 5) باطلة: باطل ض 23) بواحد: بواحدة ض.
6) القرآن الكريم 59/10.
..
পৃষ্ঠা ৭২