قل للجنين يعيشُ معزولًا بلا ... راع ومرعى ما الذي يَرْعاكا
قل للوليد وأجهش بالبكاء ... لدى الولادة ما الذي أبكاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سُمّه ... فاسْأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبانُ أو ... تحيا وهذا السم يملأُ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ... شهدًا وقل للشَّهد من حَلاّكا
بل سائل اللبن المصفّى كان بين ... دم وفرث ما الذي صَفّاكا
... شعر في وصف الجنة ١ ...
وما ذاك إلا غيرة أن ينالها ... سوى كفئها والرب بالخلق أعلم
وإن حجبت عنا بكل كريهة ... وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم
فلله ما في حشوها من مسرة ... وأصناف لذات بها يتنعم
ولله يرد العيش بين خيامها ... وروضاتها والثغر في الروض يبسم
ولله واديها الذي هو موعد المز ... يد لوفد الحب لو كنت منهم
بذيالك الوادي يهيم صبابة ... محب يرى أن الصبابة مغنم
ولله أفراح المحبين عندما ... يخاطبهم من فوقهم ويُسَلِّم
ولله أبصار ترى الله جهرةً ... فلا الضَّيم يغشاها ولا هي تسأم
فيا نظرةً أهدت إلى الوجه نَضْرةً ... أمن بعدها يسلو المحب المتيم
ولله كم من خيرة إن تبسمت ... أضاء لها نور من الفجر أعظم
_________
١ الأبيات لابن القيم، انظر "حادي الأرواح" ص ٧-٩.
1 / 37