اما اول الأمر فقد يجب ضرورة أن يكون حدوث الكون لا من شىء واحد فكيف يمكن وهو واحد أن يولد شيئا آخر ان لم يخالطه شىء وليس يمكن أيضا أن يحدث الكون عن أشياء كثيرة الا أن تكون متفقة فى الجنس قوتها جميعا قوة واحدة وربما لم ننتفع أيضا بهذه الأشياء فى الكون وان لم يكن أيضا الحار عند البارد واليابس عند الرطب معتدلة بعضها بقياس بعض مساويا بعضها لبعض لكن كان الواحد منها يفضل على الآخر فضلا كثيرا والواحد أقوى والآخر أضعف لم يحدث الكون فكيف يستقيم أن يتولد عن الواحد شىء آخر ونحن لا نجده يتولد عن الكثير شىء اذا اتفق أن يكون امتزاج بعضها مع بعض على غير ما ينبغى فقد يجب ضرورة اذا كانت طبيعة الانسان كذلك وسائر الأشياء كلها ألا يكون الانسان شيئا واحد وأن تكون قوة كل واحد من الأشياء التى ينتفع بها فى كونه فى بدنه بالحال التى ينتفع بها ويجب ضرورة أن يعود كل واحد منها الى طبيعته اذا مات الانسان وانحل بدنه اليابس والرطب الى الرطب والحار الى الحار والبارد الى البارد وكذلك طبيعة الحيوان وسائر الأجسام كلها ويحدث كلها ويفنى على مثال واحد وذلك أن طبيعتها تحدث من جميع هذه التى ذكرنا وتعود الى جميعها وذلك أن كل شىء حدث عن شىء فالى ذلك الشىء يعود PageV01P00 5
[chapter 4]
وأما بدن الانسان ففيه دم وبلغم ومرة صفراء ومرة سوداء وهذه الأربع هى طبيعة بدن الانسان ومنها يكون سقمه وصحته وانما تكون صحته فى غاية الجودة اذا اعتدلت قواها وكمياتها وخاصة اذا كانت مختلطة بعضها ببعض وأما المرض فيحث اذا كان بعضها أقل من الباقية أو أكثر واذا انفرد بعضها ولم يكن مختلطا بالباقية فانه عند ذلك يضطر الى أن يمرض الموضع الذى خلا منه والموضع الذى صار الية لأنه يملأه ويمدده ويؤلمه فيمرض لذلك واذا انصب من هذه الأخلاط أيضا شىء ظاهر البدن انصبابا مفرطا عرض منه الوجع والضربان وان هو انصب الى داخل انصابا كثيرا فان الوجع من ذلك يكون على الضعف مما يكون عليه اذا كان انصبابا الى خارج على نحو ما قلنا فى الموضع الذى منه انفصل والموضع الذى اليه صار
[chapter 5]
পৃষ্ঠা ৬