فأما الأطباء فزعم بعضهم أن الانسان من دم وزعم بعضهم أنه من مرار وزعم بعضهم أنه من بلغم وما يحتج به أيضا هؤلاء هو ما احتج به أولائك بعينه وذلك أنهم يقولون فى ذلك الشىء الذى يسميه كل واحد منهم باسم انه واحد وانه يستحيل ضرورة فى صورته وقوته من الحار والبارد ويصير أيضا حلوا ومرا وأبيض وأسود وسائر ما أشبه ذلك ولست أرى أيضا أن ما توهم هؤلاء على الصواب وأما أنا فأقول انه لو كان الانسان شيئا واحدا لما كان يألم أصلا وذلك أنه لو كان شيئا واحدا لما كان له شىء يؤلمه وان أنزلنا أنه كان يألم وجب ضرورة أن يكون ما يشفيه شىء واحد وأما الآن اذ قد نجد فى البدن أشياء كثيرة متى أسخن بعضها بعضا بخلاف المجرى الطبيعى أو برده أو جففه أو رطبه تولدت عنها أمراض فيجب من ذلك أن تكون أصناف الألم كثيرة وتكون أنحاء العلاج مختلفة كثيرة وأنا أسأل الذى يقول ان الانسان انما هو دم فقط وانه ليس هو شىء غير ذلك أن يرينيه بحال لا تختلف فيها صورته ولا ينوبه فيها جميع أنحاء التغيير أو يرينى وقتا من أوقات السنة أو من أوقات أسنان الانسان يظهر عندها فيه الدم وحده مفردا فقد يجب أن يكون وقت من الأوقات يوجد فيه الشىء الذى هو منه وحده مفردا وهذا قولى أيضا لمن زعم أن الانسان من بلغم ولمن زعم أنه من مرار وذلك أنى أنا أبين أن الأشياء التى أقول ان الانسان مركب منها توجد فيه فى جميع الأوقات متشابهة اذا كان طفلا واذا شاخ وفى الوقت الحار من أوقات السنة وفى الوقت البارد وأبين ذلك على الاصطلاح وعلى الطبيعة وآتى عليه بدلائل وشواهد اضطرارية بسببها يزيد فى البدن كل واحد من هذه وينقص
[chapter 3]
পৃষ্ঠা ৪