فرض الإنجليز عام 1767 ضرائب على ما يرد إلى المستعمرات من الزجاج والشاي والورق والرصاص وألوان التصوير وأشباهها، وعارض الأمريكيون أشد المعارضة، ولجأ الإنجليز إلى اللين، فألغوا كل هذه الضرائب إلا ضريبة الشاي؛ تقريرا لحقهم أيضا وتثبيتا لمبدأ سياسي لا يتزحزحون عنه.
ولكن الأمريكيين لا يتزحزحون هم أيضا، فبدءوا المقاومة بالإضراب عن شرب الشاي، ثم وقع حادث كان بمثابة الثقاب المشتعل يلقى على الحطب؛ وذلك أن بعض الأمريكان تنكروا في زي الهنود الحمر، ودخلوا ميناء بوسطن، وألقوا بما كانت تحمله ثلاث سفن من الشاي في البحر.
وثار الإنجليز وهم أهل صبر وتؤدة، فكانت ثورتهم حينذاك كبرى حماقاتهم، فقررت الحكومة البريطانية إقفال ميناء بوسطن ومحاكمة الثائرين أمام محاكم إنجليزية، وألغت دستور ولاية مساشوست؛ عقابا لها على تمردها.
وائتمر الأمريكيون في فيلادلفيا عام 1774 لينظروا ماذا يفعلون، وكان مؤتمرهم هذا أولى خطواتهم نحو الاستقلال.
أعلن المؤتمرون حقوقهم وقرروا قطع العلاقات التجارية مع الإنجليز حتى تزول أسباب الخلاف، ولكنهم قرروا في صراحة أنهم ظلوا على ولائهم للتاج.
ولكن المشاجرات ما لبثت أن وقعت بين الجند البريطانيين وبعض الأمريكيين، وعمدت إنجلترة إلى القوة لتثبيت وجهة نظرها؛ فلم ير الفريقان بدا من الاحتكام إلى السيف بعد أن فشل الاحتكام إلى المنطق.
واشتعلت نار الحرب، وجعلت القيادة لرجل أصبح من مفاخر أمريكا وذلك هو جورج وشنطون، وجمعت الجند من مختلف الولايات، وشاعت في الأمريكيين حماسة أنستهم ما بينهم من أسباب الخلاف، وائتمر زعماؤهم مرة ثانية في «فيلادلفيا» عام 1776، وفي هذه المرة أعلنوا استقلالهم عن إنجلترة كاملا، وبات السيف هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الغرض القومي العام.
وانتقل الأمريكيون تحت راية وشنطون من نصر إلى نصر، وتقدم المتطوعون من الفرنسيين يشدون أزر الثائرين المجاهدين؛ انتقاما من إنجلترة. وما زال الكفاح متصلا والجهاد مريرا، حتى تم للأحرار المجاهدين النصر يوم أرغم القائد الإنجليزي كورنوالس على التسليم لوشنطون في مدينة بوركتون في التاسع عشر من أكتوبر عام 1781، بعد صراع اتصل سبع سنوات.
وفي سبتمبر عام 1783 لم تر إنجلترة بدا من قبول معاهدة فرساي التي نص فيها على اعترافها باستقلال مستعمراتها الأمريكية استقلالا لا قيود فيه، وأصبحت كل مستعمرة ولاية حرة لا تربطها بتاج الإمبراطورية أية تبعية، فماذا عسى أن تكون علاقة هذه الولايات الحرة كل منها بالأخرى؟ أتنفرد كل ولاية عن أخواتها، أم ترتبط الولايات بعضها ببعض برباط يجمع شملها؟ وأي ضروب الارتباط هو خير لها؟ أتظل كما كانت في ظل كفاحها من أجل الحرية؟ ذلك ما كان يدور بخلد الساسة غداة الاستقلال.
لقد كسب الأمريكان استقلالهم تحت راية التمعت على صفحتها ثلاث عشرة نجمة وثلاثة عشر خطا تمثل الولايات الثائرة وعددها ثلاث عشرة، وكان الأمريكان قبيل ظفرهم قد أقاموا لأنفسهم اتحادا سنة 1781، كما كان يشرف منهم على الحرب منذ اشتعلت نارها مؤتمر عام، ولكن هذين لم ينص على استمرارهما إذا تم النصر.
অজানা পৃষ্ঠা