الجامعة جالسين بلا شغل. الكبير مجاهد قده
40
مصاب بحالة نفسية. هذا النظام أفقرنا، ضيع شبابنا، يسرق البلاد والعباد ...
تحدثوا عن أهل القرية وعما مضى، وذكره زربة عن قصته القديمة حين لدغه الثعبان. ضحك الهندي وراح هو يذكر قصة ناصر المسحور عندما اختنق باللحم في عزاء صالح عاقل القرية، وأخبره أنه فتح دكانا في الجوف فأهلها ينفرون من هذا العمل، يرون البيع أقل شأنا عن الآخرين، لكنه أغلق دكانه بعد أن قتل أحد أبناء المشايخ في باب الدكان.
كان الهندي يتردد على زربة، ويخبره عن مشاركته في المسيرات مع أولاده، وعن الجرحى وعما حصل مع جنود مكافحة الشغب في الشوارع. أخذت الساحة تتوسع، حتى وصلت إلى خلف مدرسة الشعب وحوض الأشراف ومستشفى الثورة. ساعد الهندي زربة في بناء غرفة صغيرة من الطوب لابنه نجيب ، لبيع الوجبات الخفيفة والعصائر لرواد الساحة فهو لم يجد عملا منذ تخرجه من كلية التجارة، وبقي ناظم ابن الهندي يعمل معه. وكانت النساء المعتصمات في الساحة يترددن على بوفيه نجيب حتى وقت متأخر من الليل.
مرت لجنة من منظمي الساحة لمعاينة أفضل خيمة في الساحة، فحصل زربة على جائزة أحسن خيمة؛ لتوفر المياه والحمام فيها. شكر زربة شباب الثورة الذين ساعدوه في البناء، ولم يتأففوا وهم يشبكون حمام الخيمة بالمجاري العامة، كانت الرائحة تزكم الأنوف، إلا أن حماس الشباب جعلهم لا يتأففون كما هو الحال في الأيام العادية. وجدهم يضحون بأنفسهم باسم الشهادة في سبيل الثورة، رأى بعض الشباب يربطون عصابات خضراء على جباههم، كتب عليها «مشروع شهيد» وفعلا كان البعض يبحث عن الشهادة بصدر عار، والخطب الحماسية والأغاني الثورية تشحن طاقاتهم بروح الاستشهاد. كان يسأل نفسه كثيرا «إذا كانت ساحة الثوار التغيير أمام جامعة صنعاء يحميها قائد الفرقة الأولى مدرع والقبائل لقربهم منها، فمن يحمي ساحة الحرية في تعز؟ وهي محاطة بمعسكرات النظام من كل اتجاه.» رأى زربة بحدسه المتواضع أن ما يدور في البلاد شيء غير طبيعي، وأن هناك أمرا خافيا يقف وراء هذه الأحداث الجسيمة.
12
أحرقت بعض خيام ساحة الحرية في تعز، فأحس زربة أن النظام بدأ يمضي قدما لتفريق «ثوار الصدور العارية» وتوقع نزول المدرعات إلى الساحة. لم يصدق أن انقسام النظام من الداخل هو الذي أوقف الرئيس علي عبد الله صالح من قمع الثورة، فقد سمع أحد المثقفين في المنتدى يقول: «إنه يعتقد أن هناك أمرا أقوى من الجميع، بيده خيوط اللعبة، وأن المعارضة والنظام حجارة على رقعة شطرنج، ساحتها البلاد كلها، وما يجري في اليمن يجري في عدة دول عربية.» حينها اتهمه الحاضرون أنه جاسوس مع النظام يشكك بثورة الشباب المنطلقة من حاجتها إلى التغيير.
كان أهل القرية يزورونه في الساحة، تنقلهم حافلات مجانا للمشاركة في المسيرات، من ضمنهم الوطواط الذي قال له: ما شاء الله يا زربة، فتحت دكان في الساحة، وتبيع القات في خيمتك، وخلال تسعة أشهر زوجت ابنك نجيب.
أراد زربة أن يضحك، لكنه لم يستطع فخداه كانا منتفخين بالقات. سعل بقوة ثم قال: حصلت حقي الخيمة على جائزة، لا ترخيص بلدية، ولا ضرائب، حتى الكهرباء والماء بلاش.
صفحة غير معروفة