التقت نظراتهما، لكن محمد مدهش مر من أمامه كأنه لا يعرفه. ضحك زربة وقال في نفسه «لا يريد أن يذكر ماضيه». ذات مساء دخل زربة منتدى الثورة المقام في أحد الخيام الكبيرة. وهو يمضغ القات استمع إلى جدال حول انضمام قائد الفرقة الأولى مدرع إلى ثورة الشباب السلمية. قال شاب ملتح: ستنجح ثورتنا بإذن الله بانضمام قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن، لقد أرسله الله لحماية الثورة. رد عليه شاب آخر: هو أحد أركان النظام ونحن نريد إسقاط النظام كاملا. أراد أن ينجو بنفسه ويستثمر الثورة لصالحه. - لا، قائد الفرقة مع ثورتنا السلمية، سيجبر الرئيس على الرضوخ لثورة الشباب ويسلمها للشباب. - علي عبد الله صالح لن يسلم الحكم إلا إلى يد رجل أمين.
غضب الشاب وقال: أنت الآخر، عمن أمين أن تتحدث؟ - أمين علي عبد الله صالح ههههه.
على الرغم من الضحك الذي ساد في المنتدى، إلا أن الشباب انقسموا بين مؤيد ومعارض لانضمام قائد الفرقة، فتدخل حراس الساحة وأخذوا الشاب الملتحي بعيدا وظهر بعد ذلك خلاف في الساحة يبشر بانشقاق بين الشباب، لكنهم احتووا ذلك الانشقاق فيما بعد.
حين سمع زربة إعلان الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك تأييد الثورة، وانضمام القبائل إلى الثورة، عرف أن ثورة الشباب ماتت قبل أن تولد من رحم اليمن، فراح يفكر كيف يكسب قوته بعد أن توقفت حركة البناء. رأى أن بيع القات مربح بين هذه الجموع الغفيرة فذهب واشترى القات بكميات كبيرة، وأخذ يبيعه في الساحة. حقق ربحا جيدا، ثم أحضر بودرة الشمة السوداء والبيضاء، لكنه لم يجد لها رواجا كثيرا بين المثقفين. بنى له خيمة في الساحة من طوب وصفيح؛ لينام فيها مثل بقية الشباب المرابطين في خيام الساحة، الذين يحصلون على وجبات غذائية مجانية، وتحرسهم فرق الحراسة المنتشرة في كل المداخل المؤدية للساحة.
كان زربة يجلس في باب خيمته يبيع القات وينفث دخانه. رحب باقتراح الشاب جميل الشرعبي في توسيع مساحة خيمته، ثم عمل لها حمام وأوصله إلى المجاري العامة. كان بعض المثقفين يحضرون خيمته يلقون المحاضرات وحولوا الخيمة إلى منتدى ثقافي، بلغت حرية التعبير سقفها العالي ضد النظام. رفع زربة لافتة كتب عليها «منتدى زربة» وعلقها فوق باب الخيمة وبقي يبيع القات في باب المنتدى.
11
ذات مساء مر عبده غالب الهندي مصادفة من أمام باب المنتدى هو وثلاثة من أولاده. فرأى زربة يبيع القات على باب المنتدى، عانقه ببهجة بعد غياب طويل وهو يضحك من اسم المنتدى. جلس الهندي عنده فأعطاه حزمة قات مجانا أما أولاده فدخلوا المنتدى يتجادلون مع الآخرين. أخذ الهندي يسرد لزربة حكايات كثيرة عن حياته وعن عمله في البناء منذ ثلاثين عاما في منطقة الجوف. سأله زربة: ما تزوجتش
38
هناك؟ - ههههه، يا أخي ما قدرني اتزوج، معي خمسة أولاد ما قدرتش أزوجهم، ثلاثة من أولادي خلصوا
39
صفحة غير معروفة