أعطاه زربة سريعا ربع ريال؛ ليصمت. أخذها المجنون وقال: والله، أنتم السكارى طيبون هههههه.
4
جلس زربة في سكنه بعد الظهر، ورفض أن يشاركه أحد في جلسته، على الرغم من أن عادته الترحيب بكل من يأتيه، فأصدقاؤه يفضلون الجلوس معه؛ لظرفه ومعرفته بالحكايات الشعبية والألغاز والمقالب، التي حفظها عن جدته «نعم». قال لهم: أشتي
9
أجلس وحدي، ما ششتغلش
10
بعد الظهر.
بقي وحيدا يتذكر الأيام التي قضاها مع صديقه ناصر وكم مرة سكرا سويا. حدث نفسه: «لم أتخيل أن يأتيك الموت يا صاحبي من حيث تأمن. ترى لماذا قتلك أبوك وهو يحبك كثيرا؟» انهمرت دموعه على خده المنتفخ بالقات الصوطي ككرة صغيرة. هذا النوع من القات عادة ما يجلب الأحزان لمتعاطيه. في تلك اللحظة تمنى بوري مداعة
11
من يد زوجته صفية، ليكتمل التعبير عن حزنه. وهو يمضغ القات ويحلق على بساط سحره والدمع يترقرق في عينيه، شاهد صديقه ناصر يخرج من قبره إلى منتصفه مادا يديه، والدم ينزف منه، حتى تكونت بركة حول القبر، وشاهد والد ناصر بدون خنجره الذي تعود على التحزم به يمشي مسرعا إلى البركة، يحاول متلهفا أن ينتشله من قبره، لكنه غرق في دم ناصر وكاد أن يهلك. فجأة جفت البركة وعاد مخضبا بالدم، منكسا رأسه يجر أقدامه إلى داره. أخذ زربة يقول في نفسه: «تستحق يا قاتل ...»
صفحة غير معروفة