كان يتحدث مع المشترين بنوع من الغرور، كأنه سيدهم. أعطاه المشترون ما فرضه من سعر، وراحوا يتفحصون أوراق القات ببهجة ومسرة. انتظر زربة وصول حسن ابن مقبل الدسم بقاته الجدة وحين وصل على حماره وهما يتصببان عرقا، ساعده زربة في إنزال حمولته من القات. قال وهو يحل رباط الحمولة: قاتك جاهز يا زربة. ما فيش
25
أحد يجيب
26
قات مثلي.
سأله زربة عن السعر فقال: كم ما شيقول رأسك يا راجل
27
والفلوس لحين ميسرة.
في ذلك اليوم كان سعر القات غاليا ولم يشتر صاحب الدكان ناصر المسحور، المعروف لدى أسرته أنه إذا لم يتعاط القات يكون عصبي المزاج وحاد الطباع، ولا بد على أسرته حينها أن تكون حذرة منه، لا تغضبه، ولا تناقشه حتى يمر وقت تناول القات بسلام. ذات يوم لم يتناول القات فيه، أخذ يشتم زوجته ويرمي بالصحون إلى خارج المطبخ لأسباب عادية، كبعض الذين لا يجدون قيمة القات، لكنهم في آخر النهار يعودون إلى حالتهم الطبيعية.
شاهد زربة المجنونة زعفران المحبوسة في غرفتها منذ عشرين عاما، وهي تخرج رأسها من نافذة صغيرة تشتم وتلعن، لم ينفع معها تمائم الشيخ عبد الله، أو ميسم السيد عبد التواب لطرد الجن. أهلها عادة ينزلون غذاءها من فتحة صغيرة في سقف غرفتها. أما المجنون الشاب راشد المقيد في كوخ صغير أمام دار أبيه، فزاره زربة فطلب منه سيجارة. وجد حالته تزداد سواء يعجن برازه ويسد به ثقوب الكوخ. أصيب بالجنون نتيجة رجال الأمن حين هاجموه فجأة وهو يمارس عمله الحزبي.
صفحة غير معروفة