كن سعيدا لأن أبواب السعادة شتى، ومنافذ الحظ لا تحصى، ومسالك الحياة تتجدد مع الدقائق. كن سعيدا دواما، كن سعيدا على كل حال!» •••
انفض القوم فإذا الجماعات تقف عند بقية جدار خارج الهيكل لتنتحب وتبكي، ومضى غيرها في سبيله ضاحكا هازئا، فنظرت إلى شبح انتصب قربي نظرة استفهام فقال: «أنا روح الخطاب جئت أرى تأثيري في الناس!»
قلت: «إذن أنت تعلم ما هذا الذي يبكي الناس عنده.»
قال: «هذا جدار الدموع.»
قلت: «وهل هؤلاء يهود؟ وهل نحن في أورشليم؟»
فقال: «للإنسانية كما لليهود «جدار دموع» تبكي عليه وتتحسر.»
قلت: «ولماذا يبكي هؤلاء بعد تلك الخطبة المعزية الموحية الرجاء؛ خطبة السعادة الجميلة؟»
قال: «منهم من يبكي لأنه لم يسمعها من قبل، ومنهم لأنه سمعها قبل الآن ولم يستفد، وآخر لأنه استفاد أياما ثم تغلب عليه المحيط، وجرته الوراثة بأثقالها الباهظة إلى هوة القنوط، وغيره يبكي بكاء عصبيا لأن الباكين يحيطون به، ولو ضحكوا ورقصوا لكان أول المقلدين، وغيره ليظهر أنه ذو نفس حساسة تستوعب كل تأثير صالح، ويبكي غيره لأنه يرى في الجدار المحطم صورة لآماله الذاوية، وهو من الذين يندبون حيال متراكم الأخربة، ومندثر الديار، ومتعفي الآثار.»
قلت: «وأولئك الضاحكون؟»
قال: «هم ذوو الأذهان المحددة التي لا تعترف بما لا تفهم، وتهزأ بكل ما لا تعترف. إنهم أحق بالإشفاق من الباكين.»
صفحة غير معروفة