ومقتضى ذلك أن يكون رسول الله أحب الناس إلى علي عليه السلام وكيف لا؟ وقد فداه بنفسه ليلة الغار، وفي سائر المواقف مثل بدر وأحد والخندق وحنين.
وكان علي عليه السلام في أعلى درجات الحكمة، ولذلك كان وزير الرسول كما يدل عليه قول رسول الله: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) وقد قال تعالى في موسى عليه السلام: {وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا}[الفرقان:35] ومن لازم الوزارة كمال الحكمة والرأي والفطنة.
ومقتضى ذلك كله مع علم علي عليه السلام بحب رسول الله لبنته فاطمة الزهراء البتول، ومع علم علي عليه السلام أنه إن تزوج على فاطمة كان شاقا بذلك عليها وعلى رسول الله بمقتضى الطبع(1)، فمقتضى ذلك كله أن لا يتزوج عليها ولا يخطب غيرها وهي تحته ما دامت في الحياة.
فرواية الزهري هذه المصرحة بالخطبة منكرة، ولا توجد بإسناد متصل إلا من طريقه.
ثم على أقل تقدير لا يقدم علي عليه السلام على الخطبة قبل أن يشاور في ذلك رسول الله؛ لأنه بمنزلة الأب الشفيق؛ لأن مثل هذا ينبغي فيه تقديم المشاورة ولو لم تكن بنته تحته، فكيف؟ وذلك مظنة أن يشق على رسول الله وعلى بنته سيدة نساء أهل الجنة؟
فعلى أي تقدير ينبغي تقديم المشاورة قبل الخطبة، إن شك في أن التزوج على فاطمة يكون شاقا على رسول الله وعلى بنته عليها السلام.
فكيف تصح رواية الزهري، مع أن مقتضاها أن عليا عليه السلام فعل فعل العجول الجهول!
بل هذه نكارة بينة بلا إشكال.
صفحة ٣٥