89

ظهر الإسلام

تصانيف

99 «وأهل قم شيعة غالية قد تركوا الجماعات وعطلوا الجامع إلى أن ألزمهم ركن الدولة عمارته ولزومه».

100

وحكى ياقوت أنه ولي عليهم رجل سني متشدد، فبلغه أن أهل «قم» لبغضهم الصحابة لا يوجد فيهم من اسمه أبو بكر أو عمر، فجمع رؤساءهم وقال لهم: إن لم تأتوني برجل منكم اسمه أبو بكر أو عمر لأفعلن بكم ولأصنعن. فاستمهلوه ثلاثة أيام، وفتشوا فلم يجدوا إلا رجلا صعلوكا حافيا عاريا أحول أقبح خلق الله منظرا اسمه أبو بكر؛ لأن أباه كان غريبا استوطنها فسماه بذلك، فجاؤوا به فشتمهم ... إلخ.

101

وهكذا سادت العالم الإسلامي هاتان النزعتان - السنية والشيعة - تتعاديان وتتقاتلان، هذا عدا ما قام به الشيعة من مؤامرات لقلب الدول والاستيلاء عليها، وسياتي الكلام على ذلك في حينه.

وهناك نزاع آخر، وهو النزاع بين المذاهب الفقية قد كان الخلاف أيام أصحاب المذاهب، كأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل، خلافا في الرأي والبرهان؛ غاية التعصب أن يعتقد أن مذهبه حق يحتمل الخطأ، ومذهب غيره خطأ يحتمل الصواب، وقل أن نرى بين أئمة المذاهب عداء حادا إلا قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، وازداد بعض الشيء أيام أتباعهم، ولكنه قل أن يتعدى ذلك إلى ضرب أو قتال، فلما انتهى هذا الطور أخذت العصبية تتزايد إلى أن بلغت القتال؛ ففي القرن الثالث والرابع نرى أن الحنابلة من حين لآخر يقومون بالثورات الكبيرة.

من أمثلة ذلك ما رواه ابن الأثير في حوادث سنة 323ه إذ قال: «وفيها عظم أمر الحنابلة «ببغداد» وقويت شوكتهم، وصاروا يكبسون دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذا أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء ومشي الرجل مع النساء والصبيان، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه من هو، فإن أخبرهم وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة وشهدوا عليه بالفاحشة، فأرهجوا بغداد.

102

وركب صاحب الشرطة ونادى في جانبي بغداد لا يجتمع من الحنابلة اثنان، ولا يناظرون في مذهبهم، ولا يصلي منهم إمام إلا إذا جهر ب «بسم الله الرحمن الرحيم» في صلاة الصبح والعشاءين، فلم يفد فيهم، وزاد شرهم وفتنتهم، واستظهروا بالعميان الذين كانوا يأوون المساجد.

وكانوا إذا مر بهم شافعي المذهب أغروا به العميان حتى يكاد يموت؛ فخرج توقيع الخليفة الراضي بما يقرأ على الحنابلة، ينكر عليهم فعلهم ويوبخهم باعتقاد التشبيه وغيره، [فمما جاء في هذا التوقيع]: تارة تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين، وهيئتكم الرذلة على هيئته، وتذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين المذهبين، والشعر القطط، والصعود إلى السماء، والنزول إلى الدنيا، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، ثم طعنكم على خيار الأمة ونسبتكم شيعة آل محمد

صفحة غير معروفة